العودة - بيان الصفدي
إلى علي المندلاوي
                                                                    (1)
                                                                    صحت يا لـَلفراغ المعرِّش في الروح ِ!
                                                                    يا للوقيعة بين الشرارة والقلب ِ
                                                                    يا للمسافة في ضربة اللون ِ
                                                                    في قطرة من دم لا تسحُّ على غير ألواننا
                                                                    يا لهذا الهدوء الجميل ِ
                                                                    على وردة في الشمال ِ
                                                                    تنبهِّها قطرة من ندى
                                                                    يا لهذا المدى
                                                                    بين غيبوبة الحرف والروح ِ
                                                                    وهي تغطي الحجارة والغابَ
                                                                    منعطفات ِ الجبال ِ
                                                                    البيوتَ اللصيقة بالسفح ِ
                                                                    حزنَ الصبيات ِ
                                                                    طفلَ الشمال المسلـَّح بالياسمين ِ
                                                                    الورودَ التي ننتقيها
                                                                    وتلك التي ما تزالُ
                                                                    الورودَ التي تحتويها الظلالُ
                                                                    (2)
                                                                    هكذا يا عليُّ
                                                                    نشكـِّل أحزاننا
                                                                    حُزَماً من حروف ٍ
                                                                    من اللون يبني ابتهاجاته ِ
                                                                    في البياض المهيَّأ للمسح ِ
                                                                    من لمسة تتقدَّس فيها الطبيعة ُ
                                                                    تأخذ من كل شيء وتعطي
                                                                    وفي الأصل كان البياضُ
                                                                    وبعدُ
                                                                    على رعشة اللون ِ
                                                                    تستيقظ الحَيَواتُ
                                                                    ونحن ننامُ
                                                                    نؤسِّس في النوم ما لا يطالُ
                                                                    وما قد يطالُ
                                                                    ونهذي بما قد يقالُ
                                                                    وما لا يقالُ
                                                                    (3)
                                                                    هكذا يا عليّْ!
                                                                    فجأة جمعتنا الطفولة ُ
                                                                    شدَّت بنا نحوها
                                                                    وإليها انتهينا
                                                                    نبعثر بين يديها حماقاتنا
                                                                    ونبعثرها في يدينا
                                                                    وتهرب منا فنتبعها
                                                                    تاركين لها أن تدور بنا
                                                                    نسأل الآن حيث تميل مراكبنا:
                                                                    ما الذي يتبقـَّى سواها لدينا؟
                                                                    سنصلي لها كالمجانين ِ
                                                                    نركض فوق حجارتها
                                                                    نتعاهدُ
                                                                    نمسك جمرتها
                                                                    ونبلـِّل وردتها بالدموع ِ
                                                                    ونقسم بين يديها
                                                                    مرة يا علي تركنا الطفولة َ
                                                                    ثم رجَعنا إليها
                                                                    مرة يا علي تركنا الطفولهْ
                                                                    لـِنـَعُـدْ يا أخي يا عليّْ!
                                                                    .
                                                                    1982