لك الله يا غزة - ريان عبدالرزاق الشققي

تعبَ الزمان وهـدّهُ الإعياءُ
وتسمّرت بـثـوائه الأرجاءُ

وتـبـلّدَ الإحساس في بـيـدائه
وسحائب القرن السقـيم هواء

وأتى الدمار يجوب إنسانية
وبحوزة الضيف الثـقيل عِـداء

غسق أصمَّ المشرقين حلوله
والصبح توهن جيـدَهُ الأنواء

القصف مستعر بليل حالك
ونهار (غـزة) لوعـة ونداء

يا جرح (غزة) في القلوب مواجع
ومن الرياح نوائـب وبلاء

صهيون صار على البسيطة جائر
وعلى العوالم عقـدة كأداء

صهر الحديد بصعقة من حقده
فخبتْ لهـول وقـوعها الزهراء

لا إنس يـنـبـس والشفاه كليلة
تأتي الرعود وتختـفي الأضواء

وعصابة الظلم البغيض غطاؤها
رعبٌ ووهدة مجرم وشـقاء

قالوا سليل اللؤم في ردهاتهم
هذي الجرائم نجمة زرقـاء

جابوا الحياة وقطّعوا أوصالها
صوت الذئاب على الزمان عـواء

زرعوا شراك الموت في أرجائها
وتسربلوا حـمم الشواظ وجـاؤوا

سفكوا الدماء وعددوا أنهارها
خطب يسيـل وفي الخطوب حداء

وبراعم الإنسان يحصدها الردى
والطفـل في طرف الرداء رداء

أمٌّ تجود على الصغار بلحمها
وأبٌ تـحاصر روحَه الأعداء

طفل يلوذ من القنابل بالورى
نجـواه تومض ، للعيون مضاء

فأتى الجواب مخضّـباً بسرابه
رحل الرماد وماتـت العـنقاء

وزهور (غزة) تنطوي تحت الثرى
أرواحها فوق الأثير ســماء

شعب يئن الجرح في قسماته
أجسامه كـنـواحـه أشـلاء

وتعاضدت كل الجرائم حوله
وتـناثـرت من روعها أصداء

شعب يصيح على المآذن في المدى
تالله فيـهم عـزة وإباء

خذلوك يا شعب الكرامة والإبـا
تركـتـكَ غدراً جوقة رعـناء

وتعالت الأصوات دون صريرها
وتمايلتْ بهديرها الخطـباء

يا هيئة الأطياف هيئة يعربٍ
الداء دام على الدوام ثــواء

الجيل في رحْلِ القوادم عـابث
الجيل شـاخ نصيـبه الغوغـاء

يا (مجلس الأمن) المهين مخافة
أتُرى الشعوب مقالة وغـناء!

روح العوالم للإله مصيرها
عند الوقـيـعـة منهل مـعـطاء

يا راحلين إلى مدارك أمتي
أيّـان تـرحل عـنـكمُ الأنـواء

يا أمتي والركب مـال إلى الثرى
والعمر فـيـك مـشـقـة وعـناء

لا تصبحي علماً يريد مـهابة
لا تذبلي فـمـقامـك العـلياء

قد كـنتِ في رحم الحياة مواقد
يا أمتي عرصاتـك الجوزاء

واللـيل تومض في حِـمـاهُ شواهد
والفجر تنضج حوله الأحياء

في (غـزّة) التاريخِ ليس يعـيـبـها
ألـمٌ ولا يـنـتـابـها الإغـواء

فأسـودها فوق التراب أداؤهـا
أنثى تـقـاوم والرجـال فـداء

والقلب تـنـبـع من ربـاه مآثـر
والنور يبزغ ما بـه إبطاء

ومقال كل العابـثـيـن مـزاعـم
تلك المنابر في الصروح هراء

يا جرح (غـزّة) لا أبالك صامـد
هذي الجحافل رفـعـة وبـناء

الجيل يورق في البطولة والسـنا
وبـبـردة الحـق العظيم يُضاء

العارفون على البسيطة نهجـنا
تسقي الأديم عصارة حمراء

فتحيل روح الأرض غصناً زاهراً
وتـقـوم فـيـنا عـزّة خضراء

ودم الشهيد يفيق في أكـفانه
ووســامُه ترتـيـلة وولاء

سـقـيـا الكرامة ترتضيه دماؤنـا
يا قـبـة الدرب الـقـويم نماء

قومي إلى السحب الهوامع واطردي
أهل الهوان وفي النزال عزاء

سيري على درر الحـبيب محمد
سيري ، إليك تهافَـتُ الأضواء