العضد الهزيل - ريان عبدالرزاق الشققي

يا أيها الشعب المكبل بالحنينْ
يا أيها الشعب الفخور على السنين
قامت حضارة أرضنا
في كل حدب رنة وتقدمٌ...
نحو المعارف والفنون
ماذا دهاك لتغتدي
شيخاً مسناً بات يصرعهُ الرنين
عملاق أنت! وليس فيك وسيلةٌ...
تنجي بها روحاً يخالجها أنين
* * *
تركوك دون عقيدة ترجى
يا أيها الهرم الكسول بلا يقين
قلبوا رؤاك وجف ما قد أفرغوا خلف الجبين
كسبوا رضاك فأرسلوا أفكارهم
كالسوسة الرعناء في خشب رصين
ما كاد يظهر للورى إلا بمظهره المشين
عرفوك مثل الجمر تسطع جاهراً
عما يدور بقلب أحشاء الجنين
فرموك بالماء المدنس والعصارات البذيئة والمجون
* * *
علموا همومك صخرةً
تنازح شبراً خلف شبرٍ نحو أعطاف اليقين
فتجمعوا كالطوق أرعبه الفنا
كالحالكات على المدى
...
كالقرش حول فريسةٍ
كلفافة الإعصار في وسط الفلا
وتكتلوا فوق الأديم وأرسلوا
سمّاً يطير على جناحات الهوى
ويطوف فوق البحر يحمله السفين
فقنعت يا شعبي كجلمود رسا
في أسفل القعر السحيق ليستريح ويستكين
* * *
هادوا-
وفي أنفاسهم أحداق أسلاف القرون
هادوا-
لغير صديقهم مُرّ المنون!!
هادوا...
فَدَبَّتْ في زوايا الأرض أسباب المكائد والمصائب والظنون
...
أين السلام.. وذاك غدرهم الدفين!!
غدرٌ كطودٍ لا يهون ولا يلين
في كل يوم قصة مدروسةٌ-
وقضيّة مخلوقةٌ-
(تلفيقة) تطغى على ماضي الصراع وتستبين
والناس لا يدرون كيف تمر أنباء الكمين
قد أُشغلوا-
بالقوت بالترجيع باللغو المحنط بالأنين
والقلب يكبر جوفه-
كي يملأ الدنيا نقيقاً فارغاً-
وصواعقَ تأتي بأحلام الجموع إلى الركون
هادوا، فكيف لنا سكون؟!
...
يا قدس لا تبكي ولا تتوسلي
فمقامك المحمود يبقى شامخاً
وصفاؤك المعهود يبقى ثابتاً
حتى وإن طال الزمان على الحنين
أبكيك! لا أبكيك يا بنت الأصول
يا بنت أحفاد الكرام
في صولة القوم العظام
والقبر خلف القبر ينبس بالقديم
ناهيك عن أرض السلامة واليقين
معراج خير الخلق نحو سمائه
نحو الكمال المستطاب على المراحل والسنين
يا قدس لا تأسَيْ لا تتخوَّفي
فيك البشائر والمحافلُ
...
والمقامات العزيزة تعتلي فوق الشجون
هذا (صلاحٌ) صرخة الآفاق والدهر العنيد
دهر الملاحم لا يُضاهى من قديم أو حديث
القبة البيضاء رمزٌ للثبات على العهود
* * *
يا أمتي حان الرحيل إلى اللحود
الجيل يسعى
وما في الأفق أحلام تعين على المضي إلى المصير
والجسم يفنى وما في العمر إلا ما نراه لنا رهين
الكوة السوداء تمتص الرحيق من العقول
والكل يفنى لا مناص من المنون
* * *
الغدر لا يبقى،
... وذاك الحقد أصغر من سواد بات خلف أبواب القبور
عفن يزول وأمتي تبقى تزاول مهنة الحراس للدين القويم
لكننا قبل الملاحم لا نكون
إلا إذا صهلت جياد ضميرنا:
"هيا أفيقوا يا نيام من الرواسب والخنوع
من عقدة العضد الهزيل
من رقدة الأوهام في حضن البلادة والركون
فالحق لا يعلوا بأسياف من المطاط سُلَّتْ من شخيرِ الحالمين"
* * *