مغارات السلام - ريان عبدالرزاق الشققي

ثبت الرقاد وسار في العقل المنامْ
هبط الوجوم على مغارات السلامْ

يتفتح الورد الجميل من الندى
وبيوت قومي تستضاف من اللئام

وتموّجُ الأحراش من صنع الهوا
والنهج عند القوم ترسمه الأنام

في كل صبح من دهوري ومضة
حولي أراها في العيون فلا أضام

لكنني إن حل ليلي خلتها
تخبو وتصفعها الأحابيل العظام

هل يا ترى كان السلام مخبأ
بين التلال يغش آمال الهمام!

أم يا ترى كانت تحاك أموره
خلف الظهور وبين أفلام الصدام!

واليوم تجري قمة الصناع في
أرض الكرام تدسهم تحت الرغام

يا ويلنا كيف استجبنا لليهود
وكيف نرضى غير موتهم الزؤام

عاثوا فساداً واستحلوا شرعهم
فوق الشرائع لا يخيفهم الملام

الصخر يرنو للعباب مفتت
لا يسلم العظم الطري من السقام

لا أرغب العيش السقيم وعزتي
تهتز من وقع الأسيد على العظام

إن عشت عشتم والزمان مناوئ
ولئن قضيت فإنني أهوى الحمام

من يسأم الإقدام تخرقه المُدى
من مال للإنسان طوَّقه اللجام

يا رفقة العمر الطويل على المدى
أترى تزاح اليوم أكوام الركام؟

جاءت قلوب لا تجيد سوى الكرى
رضخت لزعم الهود في جمع الوئام

ما زعمهم إلا رواية كاذب
يهوى مراوغة ويلطم بالحزام

فالخطب ينشر شرعه في حَيِّكم
يمشي ويحمل في ثناياه الحطام

ومهازل التاريخ درس ملؤه
عِبَرٌ تشير إلى الإباء على الدوام

نام الإباء فذاب جوهره الذي
تحكي الحكايا عن معالمه الكرام

السيل يجرف مزبداً بعض الحصى
ويدرب الصخر الأصم على العصام

والدهر يخذل من له لا ينتمي
كل الأنام إلى الفناء أو التمام

والمزن تعرف أين تنزل حملها
لا تدرك الشر الهزيل أو النيام

ولكل بارقة شعاع نابض
يدنو من الأوهام فالومض انعدام

والحق يدري أين كان ثواؤه
في العلم والأعمال في حمل الحسام

اليوم لا تثريب، كيف أقولها
بين الهجود بفكر أصحاب المدام

وقرارهم من ذا يحيك قرارهم
يبدو طهورا للفرادى والزحام

يا ليته كان القرار بقتلنا
يا ليته كان الوضوح بالانتقام

القتل أنجع من ذهاب كرامة
ما للجراح محلها في الالتحام

إنا نكابر أو نسوق نفوسنا
في ظل تجديد القرار من (النظام)

قد حكّموا أمراً وقالوا: واقع
قد فرقوا الآراء في الأمم القدام

وتقدموا في تيههم وعلوهم
كالأسد تمرح لا تخاف من النعام

وكأنهم فينا استخفوا قائماً
واستدرجوا الباقي إلى وهم السلام

وتعجرفوا وتسلقوا قمم الرؤوس
وظنهم تخدير أرواح العوام

لا ننحني، لكن سقف الكون بات
مسلطاً فوق الرقاب على الكلام

سم زعاف في ورود جناننا
نستافه فنظن أنفسنا الشهام

يا ويح قلبي كيف نحرس دارنا
واللص يضحك من مصافحة الغرام

تأبى القلوب وفي القلوب زئيرها
غطى على صوت الرعود بلا خصام

فكأنها بكماء لا تهب الصدى
صوتاً يريد حطام أعمدة الخيام

يجتث جذر السم لا يخشى الردى
صهيون في النفس الأبية لا يرام

أين البراعة أين أحلام النهى
والروح لا تهتز في كنف الظلام

النور لا يمضي لمن ترك العدا
تختال فوق دياره، تجني الغمام

العز لا يرنو على متقاعس
لا يلهم الأبناء تصنيع السهام

والعلم ينفع عاملاً لا ساهراً
بين الربوع يقول هات من الحرام

العيب فينا والفخار مكبل
والفجر لا يأتي لمن ترك الزمام

إنا إذا نبكي نهين نفوسنا
ذلاَّ، فلا يجدي البكاء عن الضرام

صهيون يفعل ما يريد ونحن في
دوامة التفريق نختلق الوئام

نرتاح في شر الحوار ونهجهم
ما عاش صد عن القرارات اللزام

أفلا نفيق على إطار عدالة
قبل الهبوط إلى مغارات السلام

والحق كل الحق في توحيدنا
لقيام صرح يعتلي فض الخصام