هدوء في الجنان - ريان عبدالرزاق الشققي

أخالك يا خليلي غبت عني
وبعض الشوق يصرفه الغياب

أبنتَ العين يا بحر المراثي
هدير أنت وشّحك العباب

أبنت القلب دوي في البراري
فأنت اليوم يحملك العذاب

علام الخطب لا يرجو أفولا
علام الجور تحصيه الرحاب

إلام الدهر يضرب بالمنايا
حبيبا لايساومه التراب

يزور حظيرة الإنسان يوما
يجف بباطن الحوض الرضاب

ألا يا أمنا دار ابتلاء
إلى أين المسيرة والمآب

فعبد سار تحصده الرزايا
وعبد بات أرقه السراب

وعبد نام تحت ستار ليل
فلا حلم ولا أمل يصاب

وحال لا يدوم على مدار
فهل يرضيه صبر واحتساب

وهذا في الضياء يروم حسنا
قرير العين في اليمنى كتاب

***

أراك وطيف عيني لا يغالي
أراك الشهْب يدفعها الإياب

وعندي غصة في القلب لولا
يقيني أنها العقبى حساب

وفيها جنة ترنو إلينا
فتدركنا المساعيَ والثواب

لئن ذهبت بوادركم فمنها
ذؤابات تنير فـتستطاب

وإن رحلتْ طلائعكم فيبقى
شعاع العلم فيها يُستهاب

رفعتَ الراية العصماء علما
ودربك كان تملؤه الصعاب

حنوت على مراكب كل جيل
حنانا ليس تدركه العقاب

حملتَ الهم همَّ العلم دوما
وهمُّ العلم يا خلي نصاب

وجيل بعد جيل بات يسري
يجيش بعلمكم أنّى يُعاب

وفخري أنني استلهمت منكم
بداية مهيعي ، جبر ، حساب

وفخري أنني لكم انتمائي
ولكني يؤرقني المصاب

***

مكثتَ بطيبةَ الغراءِ يوما
وبين مواطن الذكرى شِعاب

تعبنا والنفوس ذوات عدل
تحاكينا فيأتينا الجواب

ألا يا شعبة الإيمان طيري
فعزُّ القوم تحمله القباب

سُقيتَ منابع الاحراش قطرا
إلى أن جاءك الأمر الشراب

فزهر الروض منك على غصون
شذاه روائح نشوى عذاب

وصرت لروحنا علما ونورا
لكل قوادم عجب عجاب

***

أروح فلا نحيب أو بكاء
فما كأس لكل الناس باب

أدافع دمعتي فيراق قلبي
بحبِّ معلمي طَرِبَ السحاب

دخلتَ لخاطري فأنا محار
وفيها درة الذكرى كتاب

عبرتَ إلى جنان الخلد عبدا
تهادى كلما أزف الشباب

***

أتلك الروح تعرج للأعالي
بآفاق يؤازرها الصحاب

هدوء ران يبلغ مصطفاها
هدوء في الجنان ولا عتاب

ورحمة ربِّ هذا الكون مثلى
تفيض على عبيد ما أنابوا

تنزل في صحافك يا أبا فارس ولكل إنسان ذهاب