فصول الانتظار - صلاح إبراهيم الحسن

يكلِّفُني انتظارُكِ كي تجيئي
ذكرياتٍ ،
كانَ يجمعُها لنا الماضي
ويركضُ بيننا، كالطِّفلِ , في عشبِ البيادرِ
لمْ يقعْ إلا ثلاثاً ،
لمْ أضمَّكِ يومها إلا ثلاثاً ...
وانتظرتكِ ..
كلُّ شيءٍ في انتظارِكِ كانَ يذبلُ ،
وردةٌ في الدَّار تبكي ،
جارةٌ جعلتْكِ في كلِّ الأماسي قصةً تروى
وتكبرُ كالأساطيرِ القديمةِ ،
طفلةٌ كبرتْ
ولم تبلغْ سريرَ الماءِ ،
هذا العمرُ تعتعهُ الخرابُ
وأنتُ حبرٌ طافرٌ من مقلتيَّ ،
يكادُ يأخذُ لونَ مأساتي ,
ويملأُ كأسَ عمرٍ خائبٍ
بالقهرِ ،
أخَّركِ الذي لا بدَّ أن ألقاهُ يوماً
عندَ مفترقِ الطَّريقِ ,
وسوفَ أبكي
مثلَ طفلٍ لمْ يقعْ إلا ثَلاثاً ،
كانَ يركضُ بيننا في ساحةِ الشُّهداءِ
في أيّار ،
تأتلقينَ
والأفقُ المحاصرُ بالغبارِ وبالنَّهارِ يلمُّ قطعاني,
ويجلدني ,
فلمْ أحفظْ دروسي في غيابكِ ،
سوفَ أبكي حينما تأتينَ صامتةً
وأَغرق في دموعيِ
لقدْ مرّتْ بنا أحلامُنا ,
وتجاوزتْنا ,
وانتظرتكِ ,
ألفُ ليلٍ مرَّ في قلبي
ولم أطفئْ شُموعي ..