حمص.. والحب الأول - طلعت سفر
لي فيكِ عمري... وعمري
ذكرياتُ صِبا
يامن شربتُ بكفّيها الهوى لهبا
يامن سفحتُ على أعتابها
كبدي
تاق الفؤاد إلى مهد الهوى...
وَصَبا
يامن حملتِ... حكاياتِ الهوى...
... زمناً
هاتي يديكِ.. فإني أحملُ التعبا
سكبتُ أوَّلَ دمعي فيكِ....
من زمنٍ
ومايزال على خدّي منسكبا
أقول لابنة جيراني التي نَهَدَتْ
حَلَتُ مراشفُها... والثغرُ قد عَذُبا
ذكّرتني مقلةً في حمص ما برحتْ
يَعيش عودة من قد عاش مغتربا
بكتْ مرافئها من طول ما انتظرتْ
والصدر يخفق بالأشواق... مضطربا
"عاد الأحبةُ... إلا من أسامرُهُ
فالشيب غازل أيامي...
وما اقتربا
ياحمص!!!
لي فيكِ أزمانٌ... وأمكنةٌ
كيف التفتُّ.. رأيتُ الأمس...
منتصبا
ومايزال الهوى... وعداً على شفتي
أحياهُ في مهجتي من لوعةٍ.. وَصَبَا
ومايزال حبيبي - لن أُسمِّيَهُ-
بجانبٍ منكِ، إن أسْميتُهُ.. عَتَبا
هذي رسائله... مازلتُ أحملها
إني أعيش على آهاتِها.. طربا
وما تزال حروف الحب... لاهيةً
بين السطور...
تُدير الكأسَ... والحَبَبا
ألملم الحب منها... ثم أرشُفُهُ
على الظما...
آهِ لو تدرون ما كتبا!!
ياجارة الأمس!...
ماذا أنتِ فاعلةٌ
بشاعرٍ حمل الأحزانَ... واغتربا؟!
قميصُهُ.. مشرع الأكمام... بلّلَهُ
نَزْفُ الجراحاتِ... والفجر الذي...
...انسكبا
وشَعْرُهُ... خُصُلاتٌ غير واعيةٍ
مرّتْ بهِ زَفَراتُ الريح... فاضطربا
يمشي المسيح بهِ... فالليل ملتفتٌ
من ذا الذي وَسِعَ الآلام...
... والنّصَبا!!
يجر أقدامه جرّاً.. على مهلٍ
كأنما الشوق فيه والأسى... صُلِبا
أضْرَمْتِ جفنيه ....مذ كحّلْتِ طرْفَهما
بمِرْوَدِ الحب... والأحزان... فالتهبا
أطلَقْتِ مُهْركِ في قلبي على عَجَلٍ
فراح يزرع في آفاقهِ اللّعِبا
خُضْر المروج ترامتْ دون أعينه
فما يزال على تَصْهاله... طَرَبا
وما أزال أنا... مُلْقَىً على نَغَمٍ
حلوٍ... يرود بيَ الأقمارَ والشُّهُبا
ملأتُ منهنَّ أكمامي... سوى قمرٍ
خبّأتُهُ في فؤادي... مثلما رَغِبا
يقول لي... وأنا حانٍ أُدِّلُلُهُ
"إني أرى الدمع من عينيْك مُنْسربا"
لم أبكِ منه... فقد عُوِّدْتُ حُرْقَتَهُ
لكن بكيتُ على العمر الذي ذهبا
سكنتِ مابين أجفاني... وأدمعها
حتى التصقْتِ بأحزان الهوى نَسَبا
قد عِشْتُ خلف الليالي غربةً... وأسى
أُحدث الليل... والأنسام.. والسُّحُبا
لم يعرف الحب عُشاقاً...ولا عرفتْ
تلك الزواريبُ...
ذاك اللهوَ... واللّعبا
مايفعل الشارع "الدبلانُ" بعدهما
عند العشايا... أو "الميماسُ" مذّ ذهبا؟!
مازال وجهكِ في عينيَّ منزرعاً
ومايزال سراج الحب.. ملتهبا...
إذا بكيتُ... فصدر الليل متكأي
إليه أُسند رأسي... كلما تعبا
يحنو عليَّ... فأنسى في ضفائرهِ
وبين أحضانه الهمّ الذي وثبا
تُلملم الحزنَ في قلبي أناملُهُ
حتى أرى ذيلَهُ... يلتمُّ منسحبا
تخبو مصابيحُهُ.. في كل ناحيةٍ
إذ يشعل الصبح...
في أرجائهِ اللّهبا
***
حملتُ وحدي هموم العاشقين... وقد
طويتُ مابيننا الأزمان... والحقبا
أنا شهيد صبابات الهوى.... وعلى
رمال ساحاتهِ... أنهدُّ مختضبا
حملتُ سهدي... وأحزاني بلا تعبٍ
من كنتِ أنتِ هواه... استعذب التعبا
كأنما الحب... قد غارت مدامعه
فما يزال حزينَ القلب... منتحبا
بكى عليّ... كما لم يبكِ من زمنٍ
ألستُ آخر من أعطى... ومن وهبا؟!!
وكيف يرنو الهوى بعدي إلى أحد
وقد سرقتُ له الأجفانَ والهُدبا
لم يطْوِ صفحةَ حبي من روايتهِ
لكنه...
خبّأ الأقلام... والكتبا
*
13/1/1975