النورس المسافر - طلعت سفر
إلى الصديق س. س بمناسبة رحيله
*
نامَ النهارُ...
ومدَّ الليلُ ظلمته
فمن يعيد لشمسي حمرةَ الشفق؟!
ليلٌ...
يردُّ إلى الأحزان جِدَّتَها
كيلا تظل به..
في ثوبها الخَلِقِ
ترتاح بعد جنون كلما تعبتْ
على سريرين:
من دامٍ... ومحترق
فكيف آلف أيامي... وقد سرقتْ
ما كان ينثر...
زهرُ الودِّ من عَبَق؟
وكيف أنسى..
زماناتٍ وأمكنةً
كانت على النفس أحلى من شذا العبَق؟
مضى الزمان الذي
أرضى بصحبته
وأوصد العمرُ بابَ اللهو... والنَّزَق
وجاء ما يرتضيه
دونما طربٍ
ودون ما تخلع الأسمار من أَنَقِ
تململ الدمع في عيني
فقلتُ لها:
"لم تعرفي قبلُ نارَ الوجد... فاحترقي..."
يا نورساً!
حملته الريحُ.. وارتحلتْ
إلى سواحلَ تنأى عن مدى الحدق
إذا ذكرتكَ
شبَّ الحزن من وجعٍ
فأسلمتنْي عذاباتي إلى الطُّرُق
أصابع الليل
مِذْراة تبعثرني
على الوسائد.. أشلاءً من القلق
وأعينُ الخوف من حولي
تنادمني
فأرتدي الليل في ثوب من الأرق
يدنو الصباحْ
فلا ألقاكَ منتظري
وليس لي من يدٍ تحنو على مِزَقي
أَهْدَا...
وتصفو سويعاتٌ أراكَ بها
فأستريح إلى عينيكَ من رَهَقي
كم كنتَ
تقتل أحزاني... وتحملني
إلى موانئ تنجيني من الغرق!
عيناكَ...
صومعة الشكوى.. ونافذةٌ
أطلُّ من محبسي فيها على الأفق
أُقيم
بعض صلاتي في جوانبها
حتى أُلملم ما في الصدر من حُرَق
عَريتُ
من بسمة السلوى.. وبهجتها
فألبستني الليالي وحشة الغَسَق
ما كنتُ أحسب
أن العيد يجمعنا
على يديه... ويذرونا بمفترق
كانت مقاديرنا السوداءُ
ضاحكةً
ونحن نسُرع أحلاماً من الورق
ما أوسع الجرح في قلبي...!
وقد تركتْ
يدُ الزمان.. حبالَ الموت في عُنقي
لو أستطيع
ـ وفي الأيام مُتَّسعٌ ـ
أدنتُ من رحلوا...
بعضاً من الرّمق
*
16 ـ 12 ـ 2002