شكوى ضد البحر - عامر الدبك

قالت :
بالأمس
دعاني البحر
كي نشرب
فوق مرايا الماء
فنجانين من القهوة
قدَّم كل الإغراءات
قال :
بأن العالم دوني
كالعتمةْ
وبأن لديه حكايات
جمّعها
من كل أساطير الحكمةْ
فذهبتُ إليه بطيبة قلب
قلت :
لعل البحر يعاني
من غربته
من وحدته
قد صار عجوزا
ضيَّع خلف الرحلة حلمهْ
كان حزينا حين وصلت إليه
فبكى مثل الطفل الضائع
بين يدي
خبأ في شعري عينيه
قبَّلني
لفَّ الموجة حولي
حين أردتُ الركض بعيدا
حاول شدّي بالأمواج
صبَ الماء على نهديَ
كان البحر خبيثا
حاول إغوائي
فرفضتُ
حاول إمساكي
فهربتُ
أفلتُّ من الموج الهائج
ولطمتُ البحر بكفي
لن أرجع للبحر الغادر
حتى تذهب أنت إليه
تطلب منه أن يعتذرا
لن أذهب حتى تلطمه
وتوبخه
وتصب الأحزان عليه
لن أسكت لهذا البحر
لن أسكت لهذا البحر
الذي سرق زرقة مياهه
من عينيك
وكسر أقفال خزائنك
وسرق المرجان منها
عندما كنتِ غافية على رماله
لن أسكت لهذا البحر
الذي أنكر
وما زال ينكر
جرائمه الفظيعة
ذلك اللص المحترف
لن أسكت لهذا البحر
الذي يتباهى
بأمواجه العالية
دون أن يشير إلى شعركِ
ويمشي على الشواطئ مرحا
كي يثير اهتمامكِ
دون أن يشير إلى قدكِ
لن أسكت لهذا البحر
الذي أغرق سفينة كبيرة
عندما أفلتها فجأة
متأملا نعومة ساقيكِ
هل تذكرين
كم مرة
حاول أن يخلع عنك
لباس السباحة
بأصابع أمواجه الخبيثة ؟
ذلك الوقح
لن أسكت له
حتى وإن سامحتِه
ذلك الخائب المخادع
الذي يتحدث للأسماك عنكِ
لن يهدأ لي بالٌ
حتى أعيدَ إليكِ
كلَّ المسروقات
زرقة مياهه
وحدائق مرجانه
وأمواجه العالية
ورشاقته
سأعيد إليك كل شيء
عندما نذهب إليه غدا
سألقنه درسا
لن ينساه
حتى آخر موجة من أمواجه
وأعلمه
كيف يحترم أسياده
ذلك البحر المشاغب
غدا سيصبح بلا لون
وبلا أسماك
وبلا أمواج
سيصبح بحرا خاملا
كسولا
وسيهرب ذلك الجبان
كلما رآك
خشية أن تفضحيه
أمام الجميع فيتركوه وحيدا
حتى يجف ويموت