فاتحة - عامر الدبك

أوقفني في الصمت وقال :
في الصمت
يجيء إليك الكون
تمر بلاد بين يديكَ
يراوح في عينيك السرُّ
ينام على كفيك الرملُ
يجيء البحر
بلا شطآن
***
الصمت طريق للنسيان
والصمت إذا ما جُنَّ الليل
يخاطب سرَّك يسكن فيك
يعيد إليك نزيف اللون
فتعرف ما يغويكَ
وما يخفيكَ
وما ينبيكَ من الأشياء عن الأشياء
***
أوقفني في الحزن وقال :
من يعرف سرَّ الحزن يراهْ
من يعرف كيف يراهْ
لا يدمن فيه سواهْ
الحزن كتاب
في أسطره سر هواهْ
الحزن إذا يغشاك
يريق عليك مداد الصبر
يجيء
وينصب في عينيك خيام السرِّ
ويشرد .. يشرد مثل النهرِ
إذا ما أبصر فيه عماهْ
أوقفني في الشعر وقال :
الشعر مرايا في الإنسان
ونداء في الصمت
وسرٌّ في الأحزان
لا تعرف كيف يجيء إليكَ
وكيف ينام
وكيف يقودكَ تحت البرد
وكيف يبرعم في كفيكَ
وكيف وكيف
يشاغب في أنساغ الروح
وحين تفاجئه في اليم
يقود البحرَ بلا قبطان
الشعر رماد فيه ترى آلاء البدء
وفيه يحاوركَ الشيطان
في الشعر تنادمكَ الصحراء
ويخرج من كفيك الماء
فيكشف عنك الوقتُ
رداء إثْرَ رداء
وتحاول أن ترتدَّ إليكَ
فيمعن يمعن بالعصيان
أوقفني في السرِّ وقال :
أسماؤك فوق جدار القلب
وأنت لأسماء الأسرار جدار
يكمن خلف جدار
أغلق أبوابكَ تعرفني
وادخل في ذاتكَ تعرفني
لا تبحث عنّي تجهلني
مفتاح السر ّ إليّ
بداية جهلكَ فيّ
نهر يغمض ماءه عنك
ونهر يغمض ماءه فيك
ونهر يسكن في جنبيك
ونهر يطلع من عينيك
وليل ينهض من عتمته
ثم ينام
أوقفني في السرِّ وقال :
لا يكفيك الشوق
لتمشي فوق الماء
ولا يكفيك الحزن
ولا يكفيك كتاب غناء
فأول سطر في قرطاس الكشف
الصمت
وأول باب كي ترتدّ إلي ّ أنت
وأنت بداية سرِّ الوقت
وأنت بداية سرِّ الوقت
_____________
مترجمة إلى الصيني ومنشورة في مجلة أدب هونج كونج عدد إبريل 2007