اعتذار البحر - عامر الدبك

سيدتي
ها أنا
أعلن خيبتي
وأعترف بأنني مخطئ
وفاشل
وحزين
سأربط كل رياحي
وأحزم أمواجي
ورمالي
وصخوري
وأسماكي
وأرحل بعيدا
سأترك لك قرب الشواطئ
قصيدة كتبتها
بملح أيامي
***
ها أنا
أعتذر لقدميك
ولكل خلية من جسدك
الفاتن
عن كل ما بدر مني
***
سيدتي
لك ما تشائين أن تفعلي بي
سأخلي لك المكان تماما
سأبيع جميع أسماكي وأرحل
سأعلن أمام مياهي
ورياحي
وأمواجي
وأسماكي
ورمالي
وأمام جميع السفن التي
أغرقتها من أجلك
بأنك أفضل مني
وقامتك أطول مني
وعينيك
أوسع مني
فهاك وشاح الزبد الوحيد لدي
ربما يكون ضيقا عليك
ولكن
لم أعد أملك غيره
أنا البحر
الذي لم يقهره شيء
أمضي مقهورا
ومنكسرا
كموجة على صخرة
سامحيني
إذا تماديت قليلا
وشاغبت كطفل
وكان سلوكي باتجاهك
سيئا
وكنت بحرا لا يليق بك
***
سأنظف لك الشواطئ جيدا
من بقايا دموعي
قبل رحيلي
وسأترك لك النوارس
كي تؤنس وحشتك
النوارس التي تحبك كثيرا
وغير مرة صرخت في وجهي
عندما كنت أضايقك
سأغادركِ غدا
تاركا خلفي ندمي الشديد
وحزني العميق
وقررت أن أترك
رملي المبلل بالدموع
وأن اترك لك جميع أسماكي
لأنها رغبت عني
فاصفحي واغفري لي أخطائي معك
عساني أعود بحرا أليفا
خجولا
جميلا
لا يتخبثن مع أية امرأة
مدهشة لامست مياهه
بل يسكب مياهه على جسدها
كي تنعم بالدفء
والأمان
وكي يشعر هو أيضا
بأنه بحر ممتلئ بالفتنة
أيتها المرأة الفتنة
عفوك
عفو عينيك
لأنني بحر
أخرجته الغوايات
عن طوره
فنسي العهود التي قطعها على نفسه
عندما أصبح بحرا
وأيقظ أنهاره من منابعها
فأمّنته الكائنات
عفوك
ثم عفوك
لأنك أطيب مني
وأكرم مني
وحدك من جعلتْني أعرف
لماذا الأنهار ابتعدت عني
ولماذا الأسماك كانت تخرج إلى الرمل لتموت
عفوك
فأنا بحر تافه
ومتعجرف
لا يستحق نظرة واحدة منك
أرجوك أن تحضري غدا
وداعي الأخير
فربما أصبح البحر الوحيد
الذي طردتِه من مياهه
ليموت شهيد ما اقترفت يداه