تاء التأنيث - عبد الرزاق الدرباس
زفرةُ الوجدِ في هواها تطولُ
وفؤادي في البعدِ عنها عليلُ
واعدَتْ ،أقبلتْ ،سقتْ من رياضي
ظامئَ النبتِ فاضحكي يا فصولُ
عاتبتْ ، ودّعَتْ ،رأتْ في عيوني
طيفهَا ساكناً ، مُحالٌ يزولُ
فوقهَا نقطتان ِ؛ سِحرٌ و عِطرٌ
و كِلا النقطتين ظِلٌ ظليلُ
و هِيَ في اللفظِ تسْتريحُ سُكوناً
غيرَ أنَّ الأفلاكَ فيها تصولُ
و هِيَ مفتوحَةٌ ترحّبُ جُوداً
يا لَنُعمى مَن في حِماها نزيلُ!
فإذا أعرَبَ النّحَاةُ سَناها
قيلَ : مَا في مَحِلّها تأويلُ
كيفَ لا مَحَلَّ ؟ قدْ هامَ فيها
كلُّ قلب وخالطتْها العقولُ!
حينَ تأتي في آخِر ِالفعْل ِيحْلو
حنظلٌ ثمّ ينبعُ السّلسَبيلُ
حلوةُ الرسم عذبة مشتهاة
و عذابٌ و حاجة و غليلُ
أيُّ عِطْر يَضوعُ مِن راحتيهَا
حينَ تلقاكَ كالزهور ِتميلُ!!
أيُّ سَهْم مِن حاجبيها يُنادي :
ابتعِدْ ، و إلا فأنتَ القتيلُ
و قليلٌ مِن الوصال كثيرٌ
و كثيرٌ مِن اللقاء ِرحيلُ
غضِبَ السيفُ كيْ ينالَ رضاهَا
فهُوَ فدوى عيونِها مسْلولُ
و مِن التاءِ في الحَنايا بُروقٌ
يسْتحي مِن سُطوعِها القِنديلُ
إنني في غَلاكِ أرخصْتُ شِعري
فتساوى المَعلومُ و المَجهولُ
حينَ طالتْ بنا طريقُ الأماني
ما سَألنا :متى يكونُ الوصولُ؟
آهِ يا تاءُ ، كمْ سفحْتِ دمائي
و دُموعي ! كأنهنّ السّيولُ
و أنا فيكِ مَركبٌ وسْطَ بحْر
أتهَادى و مَا لدَيَّ دليلُ
عابرٌ بارعٌ ، غريبٌ رغوبٌ
مُشْرِعٌ مُسْرعٌ ، خليلٌ جليلُ
***
دُرَرُ الشِعر ِسُطّرَتْ في هَواها
مُنذُ دهْر فمَا عَسايَ أقولُ؟
أنتِ شُمسي و ليلتي ، و عَذابي
و نعيمي ، و ضِحكتي و العَويلُ
و ثلوجي و جَمرتي، وانتباهي
و رُقادي ،وعُقدتي و الحُلولُ