الدوحة الباكية - عبد السلام العجيلي

أظلمَ الليلُ وفي أحشائهِ
دوحةٌ تبكي على حظّ الشجرْ

مرت الريحُ على أغصانها
فبرت من كل عُسلوجٍ وتر

الأسى والهمُّ في ألحانه
والشجا نيطَ على نوط الثمر

وسفا القفرُ عليها رمْله
أدمعاً سال بها جفن الحجر

ما صفيرُ الريح إلا حسرةٌ
أوقد الليلُ لظاها وسعَر

أنَّتِ الدوحةُ في أعقابها
فبكى النجمُ عليها والنهر

***

أظلمَ الليل وفي أحشائهِ
دوحةٌ تبكي على حظ الشجر:

ما لهذا الدوح في أغلالهِ
يتلوَّى تحت أسواط القدر

كلما زاد انطلاقاً في الفضا
زاده الجذرُ التصاقاً بالحجر

يصفع الاعصارُ هوناً وجهه
والسما تبصق في فيهِ المطر

وإذا أيار أهداه الحنا
كان للدود جناه والبشر

تتملى البهم في اخضره
وتجول الفأس فيه ان بسر

***

أظلمَ الليلُ وفي أحشائه
دوحة تبكي على حظ الشجر..

أترى الحقل دوى لوعتها
وبُكاها في الليالي ، أو شعر ؟

وارى الأشجار في جناتها
نعمت غرساً وطابت مُزدهَر

غرّد الشادي على أفنانها
فحبته بأكاليل الزَّهَر

لا همومُ القيظ تعروها ولم
تدرِ بالحطاب أيان استقر..

***

أظلمَ الليلُ وفي أحشائهِ
دوحة تبكي على حظ الشجر

وفتى نام على أحلامه
ثم هزته السوافي فاعتبر

نحن يا أختاه في وحشتنا
نبعث الدمعةَ في عين القمر

رقد السمّار عن أشجائنا
فدعي النوْح على شجو الأخر

هلك الليل وهذي نجمة
علّ فيها من سنا الفجر خبر

***

وانطوى الليل، وفي أحشائه
دوحة تبكي على حظ الشجر!