ذكرى الجلاء - عبد السلام العجيلي

مهداة إلى روح الملازم الأول محمد جديد وأرواح شهداء فوج اليرموك الثاني من قوى انقاذ فلسطين

***

للمجد يومُكَ ما في الدار مغتصبُ
البدرُ يضحكُ في دنياكَ والشهبُ

تلك الليالي التي راعتْك ظلمتُها
أودى بحالكها من نارنا لهب

شبَّتْ ببيدائنا حمراءَ عارمةً
وقودُها الأكرمان النفسُ والنشب

حتى التوى القيدُ عن أيدٍ مكرَّمةً
في غفلة الدهر غالت عزَّها النوب

الغاصبون وحدُ السيفِ حجَّتهم
ما كفَّهم جدلٌ عنا ولا خطب

لما حملْنا منايانا نقدّمُها
على الأكفّ ، طردناهم وما انسحبوا

فاليومُ تخفقُ نشوى في مطالعها
راياتنا الغرُّ في ألوانها العجب

إنا سقينا قناها من نوازفنا
وحاط منا علاها فتيةٌ نجب

في كل مغرس بندٍ من دمائهمِ
وشْلٌ تقصّر عن أفعال السحب

هذي النجومُ التي تزهو بحمرتها
الراياتُ لوَّنها القاني الذي سكبوا

ايّارُ أقبل يروي عنهمُ طُرفاً
من الأحاديث يجلوها وينتخب

يومٌ على جلقٍ في جوه هيج
من القنابل والآفاق تلتهب

والبرلمان على أعتابه جَرُؤتْ
فُطسُ الأنوف لهم في ساحة صخب

أعصى عليهم من الأسوار كلُّ فتى
ثبتٍ وأحجارُها من نارِهمْ تثب

آلوا يموتون لا يعطون أيديَهم
فما توانوا ولا ولَّوا ولا كذبوا

لكنهم صبغوا الأسوار من دمهم
وزوّدونا تراثاً قبلما ذهبوا ..

يا راقدين وهذا العيدُ عيدُهم
تحت الجنادِل رقّتْ بيننا الحجب

إنا نراكم طيوفاً في مواكبنا
إذا تجوز وفي الرايات إذ تجب

ويصدح البوقُ في الميدان منطلقاً
يدعو الحماة فنرجوكم ونرتقب

إن الليالي التي رحتم بسؤددِها
ما زال منها إلى أيامنا عقب

خلف الحدود تقوّت كل زعنفة
ألقى بها البحرُ أو ألقت بها الحقب

شراذمٌ وفلول ما تقبّلها
في الدهر الا ثرانا الطيب الحدب

تعرَّضت لظبانا حين أطمعها
فينا كأنّا حياءً ما لنا غضب

فاليوم تعرفُ في الساحات فتيتنا
إذ يستخفُّهمُ في الحومةِ الطرب

الله أكبر نشوى فوق ألسنهم
نجوىً ترددها الأغوار الهضب

أعطوا الرصاص ظهوراً لا صدور لها
وخضبوا بالنجيع الأرض واختضبوا

فلو فلسطينُ ما كانت مقدسةً
إذن كفاها من الاقداس ما وهبوا..

يا صحْبيَ الصيد من آثارهم عبقٌ
على الصعيد ومن أجسادهم إرب

ذكرتكم حين بين الزهر منتشياً
دوَّى الدويُّ ومرَّ الزاحف اللجب

قرّوا عيونا على آثاركم دلفت
زهرُ الشباب وما في صفهم خرب

إن الرحاب التي مُتّم بساحتها
تحيا عليها وتفنى عندها العرب