من بعيد - عبد السلام العجيلي

سأخبط في ظلماء عمريَ بعدها
وفي ناظري من وجنتيك شعاعُ

وأرتاد آفاق الحياة ومنك لي
منارٌ على شاطي الرجا وشراع

فديتك لا عيني تراكِ فتشفي
ولا اليأس في معنى السلوّ مطاع

وكنتُ أغذي الوهم بالقرب، فانبرت
شعابٌ ، فحالت بيننا وتلاع

تذكرني ريانَ حسنك غبرةٌ
لها في وجوه الباديات قناع

وتومض من ذكرى جمالك ومضة
فاعلم اني في القفار مضاع

ترى خطرتْ مني ببالك خطرة
وقد شحطت بي أزمن وبقاع

أو افتقدت عيناك مني متيَّماً
وحولك ساح للهوى وصراع

أردُّ إلى ماضي الصبابة خاطري
وأوهمُ نفسي والظنون خداع

بأنَّ التفاتاً منكِ كان تحيَّةً
وان ارتداد الطرفِ منك وداع

وان استراقَ اللحظ في حفل ليلةٍ
أحاديثُ وجدٍ مضمرٌ ومذاع

أقلّبُ في نار اذّكارك مهجتي
كما خاض في نار السراج يَراع

أذابَ جناحيه على قبلة السنا
وأجزأه قبل الفناء شعاع

فهل لي إلى ذاكي سناك وسيلة
فإني على حتف الفراش شجاع!