عشاق في الليل - عبد السلام العجيلي

على الأفق الغربيّ في صفحة السما
بدتْ نجمةٌ أمسى بها البدرُ مغرما

خلا الليلُ إلا من سناها وضوئه
كأنَّ نجومَ الليل غابت لينعما

يبثّ إليها الشوقَ طيَّ شعاعه
فتعرضُ لا تنوي الصدود، وإنما...

وقال لها: أهواكِ يا حلوة السنا
على كلّ ما حاك الحسودُ ونمنما

إذا الشهبُ غارتْ من هوانا فاننا
ملأنا به الدنيا سعوداً وانعما

علينا حنا ليلُ الربيع فضمنا
وأعقبه ليلُ الخريف وبئسما

فلا تتركي هذا المدى الرحْب بيننا
أحبكِ . قالت لا برحتَ متيّما

تطاردُ أنوارَ النجوم بحرقةٍ
وتنحل حتى لا تبينَ توسّما

أغرّك ما بين الكواكب أن يرى
شعاعُك فضياً ووجهُك معلما

نصبْتَ شباك النور في كل خطوة
تطاردها شهباً وتصطادُ أنجما

وتلك عشيات الربيع نسيَتها
فلا تحْيها ، إن الربيعَ تصرّما

فقال لها، ألنورُ أنتِ أفضتِه
عليَ فان أعرضت أمسيتُ مظلما

وما أنا إلا صخرةٌ في مغازةٍ
أحبَّت فبثت حولها الخصب والنما

سلي عن أساي النهرَ إني قصصتُه
على موجهِ حتى بكى وتحطما...

وبات يناجيها الجوى فتبسمتْ
وقد خُلقت أنثى الهوى فتبسما

***

وكنتُ على الجسر الحزين ففاض بي
من الشوق ما أشجى الفؤاد وأفعما

تعانقتِ الأمواهُ قربيَ وانبرى
إلى الشطّ موجٌ قبَّل الرمل وارتمى

وكان سميري البدرُ ثم تضاحكتْ
له نجمةٌ عبر السماء فأسلما

فيا نجمتي نال المحبون ريّهم
ويا نجمتي لم يبقَ غيري على الظما

أرى سرَّنا نمَّتْ عليه عيوننا
وثار الهوى في صمتنا وتكلَّما

لقد آن أن يشدو الخليون حبنا
فانا شدوْنا قبلهم من تتيّما

وكنا سكارى الحبِ وهو حكايةٌ
فكيف وقد اشرى بنا وتضرّما !