مدينة الأموات - عبد السلام العجيلي

لمنِ القبابُ تروع والأسوارُ
وزخارفٌ حارت بها الأبصارُ

ومآذن للريحِ فيها دعوة
نامت لها هممٌ وثار غبار

لا حيّ في حيّ المنية والردى
إلا الصخور تئنُّ والأحجار

بين المساكن وحشة قتالةٌ
الموتُ يحسد ظلّها ويغار

وعلى القباب من السكون نوادبٌ
سُكَّتْ بصوت عويلها الأبصار

قفراءُ والأشباح ملء دروبها
ومن الفجيعة جحفل جرار

تحبو الحياة مروعة في جنبها
وتدبُّ في عرصاتها الأفكار

ويذوب ضوء الشمس فوق صخورها
فرق النضار إذا اعترته النار

تلك البيوت جماجم منخوبةٌ
فيها مراحٌ للبلى ومثار

ترنو من الكوات فيها أعينٌ
شوهاءُ لا مقل ولا إبصار

لما مشينا والحياة بظلها
نفضت مراقدَ بومها الأوكار

وتململ الأموات في أجداثهم
لما علا من صخبنا إعصار

"ركبُ الحياة، ويا لتلك معرة
يختال لا يثني خطاه وقار !"

***

يا موتُ ، لا تغضبْكَ مناخلةٌ
ركضت بأيدي خيلنا الأقدار

نبكي ونضحك والحياةُ وأهلُها
كلٌ إليك مردُه والدار

_________________

بجانب مصر القديمة في القاهرة تقوم مدينة الأموات، وهي مقبرة السراة والأغنياء كأن مدافنها المبنية على الطراز العربي قصور مشيدة بقبابها وابراجها وزخارفها الرائعة ولا ساكن لها الا الموت والموتى