ترنمت المثاني والمثالث - عبد الغني النابلسي

ترنمت المثاني والمثالث
فجاء بوصفه ثان وثالث

وحيد الذات والأسماء شتى
وهن إلى تحققه بواعث

تجلى بالحجاب على أناس
طبائعهم برؤيته دمائث

فقرت فيه أعينهم وقوم
تحجب عندهم فيمن يحادث

وأحفته مظاهره لديهم
فكل سائل عنه وباحث

فيدنى من يشاء إليه فضلا
ويبعد من يشاء ولا مناكث

هو الفرد الكثير بما تجلى
وما قد غاب منه عن الحوادث

دنا قلبي إليه وقد تدلى
بقلبي فالتقى فان وماكث

فلم يك ههنا أحد سواه
وقد عبثت من الكون العوابث

ترى كل العقول به حيارى
ولا يدري الشجاع به الدلاهث

ولكن من هداه هداه كشفا
إليه فلا علوم ولا مباحث

وجل عن العلوم ومقتضاها
وما هي غير آداب الموارث

ورثناها عن السلف اقتفاء
لشأن العارفين به الملاوث

ألا يا من تجلى في فؤادي
فذبت به وطهرت الخبائث

وكان ولم أكن وحلفت أني
كغيري لا أكون ولست حانث

وجودك منشاي وبه فناءي
كحال الأحفياء بك الأشاعث

مجرد نسبة بالوهم قامت
ومحض إضافة بالجهل كارث

شهدنا وجهك الميمون فينا
شهود فتى لعلم الغيب وارث

ونحن السابقون إليك طلقا
وإن نبحت أكاليب لواهث

وفينا الهاشمية من قريش
مناسبة نفت سحر النوافث

تطير بنا إلى أوج المعالي
وتسري بالنجيبات الحنائث