النزيف - عبدالناصرحداد

للموت- هذا المارد القدسيّ- للروح اليمامة- للرماد يعمّد
الألوانَ
للكونيِّ- أي قلبي الملبَّد بالندى-
للماء والحجر الذي احترف الخطابةَ
للغموض وللحقيقة.. تشرع الكلمات أجنحةً وتقترف
القصيدةَ
للربيع يفك لغز الأرض. للأسرار تلفحنا. لحزن بات
صمغيّاً
وللآمال والخيبات.. تستلّ الرؤى ورداً وترتكب القصيدةَ
للحياة نعيشها يوماً خرافيّاً مديداً.
قلت: تستل الرؤى ورداً، وتحترف الصدى..
ما زال في الكلمات أبكارٌ
وفي النغمات أسرارٌ
وفي الأصوات أخضرها
وما زالت قصائدنا دماً فينا..
وتنزف من جفون الأرض أشجار.
وتنزف من خدود الورد ملحمة الفراشات،
ابتهالات الندى، وصلاة نحلٍ عاملٍ. والعطر ينزف.
والعصافير التي تلد القصائدَ
تنزف الكلمات من صدري فأبحر في النزيف،
أحاور الألوان. أبصر باليدين.
أميّز الكلمات من طعم الحروف. أشمُّ أصواتاً
أغير على الحواس بكلْمتين، وأنزفُ..
الشجرات تعرف أنّ لي قلباً بأغصان. عيون الماء
تعرف أنّ في صدري فراتاً
والفرات يعودني إمّا مرضت ولم أبادله المواجدَ
كانت الأشجار تكتب والحروف،
وكانت الأغصان
تقرأ والفراتُ..
نشرت أسمائي على صمت الجبال
فعمّدتني بالصعود. على السهول فعمدتني بالظلال.
على الصحارى بالرمال.
على البحار
فسافرتْ فيّ اكتشفتُ جزيرتي
الأولى فأخفضتُ الجناح على دمي.
ونزفت شعراً