لهيب مشترك - علاء الدين عبد المولى

مهداة إلى الشاعر الصديق د.شاكر مطلق
***
صديقي الذي أنشأتْهُ الظّلالُ
رأى عشبةَ السّرِّ فيما رأى
تدفَّق، تعلوه بضعُ غيومٍ
على شفتيه حليبُ العذارى
وسيّدةٌ نسجت حوله
حريراً من الحلم والطّيّباتْ
وهزّت سريراً من الياسمينٍ
تدلَّى عليه منامٌ لذيذٌ
وصبَّتْ على ضفَّتَيْ صدره
كؤوساً من الزَّمن المستحيلِ
وأعطتهُ سرَّاً لهيبَ الحياةْ
وباحتْ إليه بذاكرةٍ
رأى أنَّها أقَدسُ الذّكرياتْ...
... ... ...
صديقي: حواسٌ على الكون
ترصد موجتَهُ الدَّاخليّةَ:
أيّ رعاةٍ مضَوْا بالمزامير؟
أيّ نوارسَ مرَّتْ هنا؟
وأيّ نساءٍ توحَّدن بالبحر
فانهمَرَ الزَّبدُ الذَّكريُّ عليهنَّ؟
أنجبن جيلاً من اللُّؤلؤِ اللاَّنهائيِّ...
كيف مضينَ بعيداً اذاً؟
وغادرن مرعى الخليقة حتَّى الأبدْ؟
صديقي الَّذي حنَّ فيه القصبْ
أتيتُ إليه نعيدُ مدائحَ هذا الجَسَدْ
وندخلُ في زمن الحلمِ
نطلقُ ثوراً من الرَّغباتْ
على أرض معجزةٍ تصطفينا
وننعَمُ فيها بدفء اللَّهبْ
... ... ...
هنا عجنَ الشَّاعرُ الكلماتِ
نساء يُذِبْنَ جليدَ الثَّواني
هربنَ من القيد في حلمهنَّ
وأيقظن فينا فحيح الأغاني
وكم نحن -يامطلقاً من ترابٍ-
سمونا الى النّور خلف فضاءٍ
يجدّد فينا شروق المعاني
وها أنتَ فاجأتني زهرةً
عليها من الحبّ نحلٌ جديدٌ
وأعرفُ كم كنتَ مثلي تعاني...
... ... ...
هو البحرُ يا سيّدَ البحر،
مهدٌ غفا فيه كون عجيبٌ
فقمتُ أشقُّ ضباباً
وأحْيي نهاراً تعاتبني فيه أوَّلُ أنثى:
لماذا نسيتُ أقبّل أشباحها في المنامِ؟
فماذا أقول لها؟
أأحرسها من عذابي؟
وأسجنها في كلامي
وألقي عليها سلامي
هي الآن تنهض مثلي
لها جسدٌ أتعبَ اللَّهَ في خلقه
كلَّما اكتملتْ لذّةٌ
عادَ من أولٍ
هي الآن مطويَةٌ بغموضٍ حزينٍ
وأمس بكتْ، فتصدَّع في داخلي عالَمٌ،
وانكسرْنا معاً...
صديقي لماذا سأتركُ هذا المكانَ
وفيه أميرةُ حلمي
أما أنتَ مثلي
تجلَّتْ على ظلمة العمر فيكَ عروسٌ
نذرتَ لها الشِّعرَ
واجتزتَ من أجلها كلَّ هذا الجنونْ
لكيما تقول الأميرةُ: كن فيكونْ؟
_________
12/10/1995