أنشودة لوحــدة الغــريب - علاء الدين عبد المولى

غريبٌ عنكِ أنثايَ الغريبةَ،
أيّ جُحْرٍ راح يُؤْوينا؟
ومنه، من زواياه صعَدْنا ننشرُ الغيمَ العقيم
لينطوي فينا
كُتِبْنا أمس في حَجرٍ يشرّدنا
وعُدنا الآن في حجرٍ يزيّفنا
ليهوي الرُّوحُ ملعونا
وغادرنا الصَّباح المرَّ،
هَشّمْنا خوابينا
وبِعْنا كوكبَ التّفاح للصَّيَّاد يثقُبه
ويَسقطُ منه ميراثٌ وأشياءٌ بأسماءٍ
وأشياءٌ بلا أسماءَ...
هذا عَوْدُنا الوهميُّ من عقم إلى خصبٍ
زواجاً ذابلَ العنقودِ
نَهراً يابس الأضلاع
عُدنا من هواءِ الموت، نحملُ قبرنا فينا...
غريبٌ عنكِ
أسواراً أرى
جبلاً من الخشبِ
ينادينا لنشعلَهُ فتنفتحُ المسافَةُ خلفَ صحراءٍ من اللَّهبِ
أرى طفلين ينسكبان من ملكوتنا السّاقطْ
أشتّتُ بين مهدهِما جموعَ الرُّوح،
أُطلقُ بعد نومهما مسيلَ الدّمِّ من رئتيَّ
تُولَدُ داخلي أشباحُ جنّاز بدائيٍّ
يشيّعني الصّقيعُ إلى الصَّقيعِ
ويأكلني التَّآكل في ضلوعي
فكيف أكون محتشداً ثماراً
ودودُ الزّيف ينهشُ من ربيعي؟!
غريبُ عنكِ
أفتتحُ النّهارَ بقُبلةٍ، واللَّيلَ بالسّكّينْ
وأُودِعُ مَنزلي بيديكِ عند الزَّهر،
يغشاهُ ضباب الطّينْ
فأيّة أُلْفةٍ تنمو؟
وأيّة رقصةٍ للجنس تدعونا؟
خَدَشْنا نجمةَ الياقوتِ
سال اللّيل في دمنا خريفاً لانهائيّاً...
أتنشئ صُفْرَةُ الأوراق تكوينا؟
دعي فضّيّةَ الأجراس أتبَعْ هَطْلَها الرّنّانَ
في عرس من الشّهواتْ
دعي جسدي المفتّتَ مثل كيس الملح ينهَضْ
من تراب اليأس مثلَ بقيّةِ الأمواتْ.
...
غريبٌ عنكِ
هذا موعدٌ ثانٍ لنكسِرَ في ثريَّا الحُلْم
لألاءَ السّكونِ
ولستُ مَرْضِيّاً أمامَ يَدَيْ إله الشَّمس
حين لبستُ أكفاني فعرَّاني
عصافيري على حجرٍ تُساقِطُ ريشَها الذهبيَّ
فجُركِ غامضُ الآفاق
تظلمُ فيه جوهرة النَّهارِ
دعي نهاري خارجاً يمتدّ
لاسوقٌ يُباعُ به ولاتابوتْ
أطأطئُ في المعابد رغبتي وأموتْ
صلاتي لامردَّ لها
ولكن لا إله لها ولاملكوتْ.
...
غريبٌ عنكِ سيّدةَ الفواكه حينَ
تذوي كرمةُ الأعضاءْ
غريبٌ عنكِ،
أنتِ جنازةٌ
وأنا رفعتُ جبين أشلائي
لتسندني ذراعُ الماءْ
وأرفع نجمةَ الشّعراءْ.
___________
14/2/1994