قراءة في مشهد المحال - علاء الدين عبد المولى

جمعَ الخيالُ خيولَهُ فاستنفَرَتْ
بنتَ الخيال ترفَّقي بخيالي

أنا من يديكِ إلى يديكِ، فشكِّلي
ما شئتِ من صِيَغي ومن أشكالي

وإذا سُئلتِ: بأيّ زورقِ شاعرٍ
سافرتِ؟ فالتفتي إلى أحوالي

قلبي سهرتُ على مشارف يأسه
وقرأتُ فيه حزنيَ المتعالي

لم يرتفعْ شجرٌ ولم أسكُنْ به
أو يتّصل بُعدٌ بغيرِ وصالي

والفجرُ بين يديَّ يجلسُ متعباً
إذ لم ينَمْ منذُ اكتشفتِ جَمالي

أنا قادمٌ من رغبة وَحْشيّةٍ
بالمجدِ.. ماذا المجدُ؟ بعضُ خصالي

وعليكِ أن تلدي القصائدَ فجأةً
وعليّ أن أهتمّ بالأطفالِ

ما هكذا تردُ الخيولُ حبيبتي
فلقد كسرتِ الأفْقَ في الخيّالِ

عودي إلى مهد الطَّبيعة، منذ أن
غادرتهِ، طفحَتْ كؤوسُ ضلالي

أنا في جلال الوهم أنحتُ عالماً
أعلى، فمَنْ سيضيء وهْمَ جلالي؟

ولقدْ شربتُ الإثْمَ من صدر الرّؤى
حتّى حسبتُ الحقَّ من أمثالي...

جسدي جبالٌ للخطيئة، فاصعَدي
بكشوفِ نوركِ واهبطي بجبالي

ما كان في الجنَّات مقعَدُ شاعرٍ
كم ضاق هذا الكون بالجوَّال

أنا بعضُ ما أوحى الجنون قصائداً
وأنا نبيُّ غرائبِ الأهوال

منذورةٌ للشّكّ أنهاري، فإنْ
سكنَتْ، فوادي النارِ بعضُ ظلالي

لا شيءَ في الوادي يقدَّسُ، فلتكُنْ
كلّ الرّؤى سجّادةً لنعالي...

الشّكُّ من أسمائيَ الأولى، وقد
حمَّلتُه لقوافلِ الأجيال

ولقد أشكّ بأنَّ ظلّي خائني
فلينعتقْ مّني، ولستُ أبالي...

***

هذا حضوري في مقامكِ ساطعٌ
هل كنتِ جسراً؟ فاحملي أثقالي

لا تغلقي الأبوابَ، أو فلتغلقي
لولا انفصالي لا يتمُّ وصالي

لولا النَّقائضُ لم تلدْ أرضٌ، وما
نزعتْ فصولُ الرّوح نحو كمال

إنّي أحبّك رقصةً لا تنتهي
في معبدٍ خالٍ وما هو خال

أنت العليَّةُ، والعلاءُ أنا، فمن
سيزوّج العلياءَ، هذا العالي؟

(كيوبيد) يبري من ضلوعي سهمه
لتكون خبزَ سهامه أوصالي

(كيوبيد) في عينيكِ ينفُثُ سحرَهُ
أأقول: ما للسّاحرات ومالي؟...

مَنْ عاذلي إمَّا تجلَّى داخلي
وأنا الذي ألهو بِهِمْ، عذّالي؟

مَنْ عاذلي، صلّيتُ فرضي فيك، قمتُ
الَّليل أشعلُ نجمةَ الأنفال

لا تسألي ليل الغموض وما به
حالُ الغموض ـ أميرتي ـ من حالي

سأدقُ أبواب الجَمال جميعَها
حتّى يفيض النّور من أسمالي

وعلى جِمال الحلْم أكملُ رحلتي
أحدو بذكركِ كي تطير جِمالي

كم أنتِ مؤنستي وأنت خليلتي
كلّمتُها لتطيب بعضُ خلالي

عنها أدافعُ، فلتظلّ نقيّةً
تمشي كصوت الشّاعر المنثال

كم ذا أحبُّك؟ طينُ خلقي يابسٌ
لولاك، فانتعلي السَّنا وتعالي

بك أوّلٌ قلبي، فَهَلْ عدلٌ إذاً
بعد اشتعالي أن أكونَ التَّالي؟

يا قبّةً زهراء في فلك الدّجى
فتحتْ بطلعتها حدودَ البال

إن غبتِ عن سفري، كلامي مظلمٌ
ويداي مئذنتانِ من أطلال...

حملتْ بك الأحلامُ طفلَ ربيعها
حيث الغزالةُ تستطيب غزالي

بي منك حزن لا يقالُ، صفاؤه
أقصى مدىً من لعبةِ الأقوال

هذا مُحالُك ذبت في أنواره
أو لم أتوِّجْ مجدَهُ بمحالي؟

لا أنتِ تمثالٌ، ولا أنا مغرم
يا ربَّتي بعبادة التّمثال

هل أنتِ خيمةُ رغبةٍ وخرجتِ منها
تخلعين عباءة الآمال؟

أملي سؤالٌ فيكِ مفتوح المدى
فدعيه حرَّ العاصفاتِ سؤالي

يُبنى على عتبات حلْمك مشهدي
فإذا شطحتُ، ترفَّقي بخيالي

_________

6/7/1998