عازف تحت رجليك هذا الفضاء - علاء الدين عبد المولى
أتنزَّهُ في حقلِ غيبتكِ الموجَعَهْ
أَيْ: أسمِّرُ كفِّي على خشبٍ يتآكلُ تحت اللَّهيبِ
وأصعدُ ممتلئاً بالفضاءِ، أجيبي
أجيبي بما يتفتَّح من مُغْلَق الرَّوحِ...
هذا شُرودي المعلَّقُ من عُنْقِهِ فوقَ سُورِ جمالكِ،
مستشهداً يتباركُ باللّعبةِ الممتعَهْ
متعةٌ أنتِ، أو فكرةٌ في ممرِّ الضِّياءِ الحضاريِّ،،
من باطنِ الأرض تأتين زيتاً
لقنديل أروقتي المتصدِّعِ،
هل تذكرينِ حلولكِ إذْ كانتْ العالياتُ
ـ على كتِفِ الشِّعرِ ـ منهدمَهْ؟
وجحيمُ الكلام تجمَّعَ في شفَة الثّلجِ،
كم شُرِّدَتْ حكمتي كالسّنونو
وفاجأ بيتي شتاءٌ خؤونْ
ساعديني على لَمِّ كفَّيكِ تحتَ يَدَيْ ربَّةٍ سمعَتْ
خطواتِ دموعي
خذيني إلى ماتشائين من ألمٍ
ودُوارٍ يشلُّ خيولَ مخيّلِتي
ثمّ يَفْجِرُها دفعةً واحدَهْ
في مهبّ الجنونْ
حيث مشتاقةُ نطفةُ الحلم تكسينَها بالرَّبيعِ
وداليتي أن تطالَ يداكَ عناقيدَها
وظلاميَ شوقٌ لأنْ يتمرأى بكوكبِ عينيكِ...
يا غاليَهْ
أنتِ مستقبَلُ الفرح المتباعدِ عن ذاتِهِ
أنت بَعْثُ القرنفلُ من قبرِ صَبْواتِهِ
لا تغيبي، هوائي مآذنُ غارقةٌ في الظّلامْ
ومعابدُ قلبيَ تَصْفُر فيها الرّياحْ
ادخليها، أمانٌ عليكِ، أقيمي بأبهائها كالثّريَّاتِ
تغمرُ صمتَ المصلّينِ تُنعشُ فيهم عروقَ الهيامْ
ها أنا أتدفّق بين شرايين بُعْدِكِ سرّاً،
إلى أين أمضي؟ ومَنْ سوف يسندني إنْ وقعتُ؟
ومن سيسمِّي عليّْ؟
لا تغيبي إذاً كلَّ هذا الغيابْ
بجناحٍ ظليلٍ أطوّقُ منزلكِ العائليَّ
وأرصدُ حتَّى شهيقَ منامِكِ،
حتَّى اتكاءَةَ دمعكِ فوق الوسادةِ،
أو خَدَراً في الذِّراع،
ودفئاً شهيَّاً تراكَمَ في حلمتيكِ،
وغابةَ شهوتكِ الخائفَهْ...
لا تغيبي، سهامُكِ في جعبتي ثروةٌ من حنانٍ
حنان خسرتُ جواهَرَهُ عندما كنتُ مستسلماً
للخياناتِ
حيث تكسَّرَ جَوْزُ المساء المقدّس،
وانْهارَ بي سقفُ روحيَ إذْ مرَّتِ العاصفَهْ
لا تغيبي غياباً ثقيلاً
خفيفاً هو العمرُ يمضي
فمالك هاربةً يا ضنايْ؟
دمّرتْني انقلابات حَدْسي بما سوفُ يسقطُ في بئر نفسي
من الظّلماتْ
نهشَتْ ساعديَّ نسورُ المواعِظِ والحشراتْ
أَلأَنِّي صنعتُ من الخمرِ امرأةً؟
أَلأَنِّي اختزلتُ الفضاءَ إلى ثقب نايْ؟
أَلأَنِّي تجرأتُ في لحظةٍ
وكشفتُ غطاءَ دمٍ آسنٍ
وابتهلتُ لِمَاءِ الحياةْ؟...
لا تغيبي فما أصعبَ الغائباتْ...
عازفٌ تحتَ رجليكِ هذا الفضاءُ فلا تخذليهِ،
و كم حاولوا وأْدَهُ كلّما اشتقَّ ريحانةً
ورماها بوجه الطّغاةْ
ظلَّ مستسلماً للرَّحيلِ فَقَدْ أنشأتْهُ الفواجعُ روحاً بلا مُسْتَقرٍّ،
كأنْ تحتَ رجليهِ لا أرضَ،
من فوقِهِ لا سماءَ،
ومِنْ حولِهِ لا جهاتْ...
هل أصوغُ لساقيكِ عِقْداً من القبلاتْ؟
ثم أُلقي بشِعري على ركبتيكِ رداءً من الياسمينِ
أنا الشاعرُ المختفي في أنايْ؟
أَنْضجيها لأقطف تفّاحةَ العشقِ ثانيةً
آه ما أجمل المعصياتْ
وارتديني كما ترتدينَ التَّسامحَ في ليلةِ الحبِّ
أسهرُ في خندقِ الحلْمِ حول قلاعِكِ،
أدخلُ من أوَّلٍ لعبةً الممكناتْ
جمرةُ الخَلْقِ أنتِ،
أغمِّسُ في نارها ريشتي
وأواصلُ شِعراً تفيءُ إلى ظلِّه المعجزاتْ...
_____________
14/ شباط /1995