وأوقفتني في موقف الحزن فقلت... - علاء الدين عبد المولى
تلدُ المرآةُ في عينيكِ حزناً
وإشاراتٍ عن الغامضِ من أسرارِ أيّامكِ
في أنوار حبّي
لا تلومي جسداً باركني،
أيقظ في مائي وعشبي
صورَ الماضي الّذي ينهض من أحزانهِ مغتسلاً بالكونِ
لم أَعهَدْ ربيعَ الدَّمع في وجهكِ،
شقَّتْ جسدي هذي الدّموعْ
لمَ هذا الانكسارُ الآن!؟
يا وقفةَ سورٍ في مهبِّ الموجِ، يا قوَّة روحي
يدكِ البيضاء في قلبيَ تنساب رنينا
والأصابيعُ على مائدتي عشرُ شموعْ
ارفعي رأسكِ حتّى الفرح الأعلى، فماجئنا
لكي نغتالَ صوتُ اللّه فينا
لا، وما ألقيتُ في حوضكِ شمساً
لتغطّيها بثوبٍ من حجرْ
كاشفيني
انزعي عن جسدي ليلَ الأنانيَّةِ،
لكنْ لا تمدّي جسرَ يأسٍ خلفَهُ خَلْقُ ابتهالاتي عَبَرْ
وانكسَرْ..
ولنا في هدأة الصّمتِ مزاميرُ شجنْ
ولنا في الأرضِ أنهارٌ، لنا فيها شجرْ
ولنا في قبرنا الكونيّ شهواتٌ سنُحْييها
ولو ضاقَ بنا كهفُ الزّمنْ
أنا لم أسرق من الجنّةِ فالجّنةُ مأوايَ،
فيا أنثايَ لا تنطفئي بعد انطفاءِ الحلمِ
في مهد عتيق
إنّني أجلدُ أعماقي بإعصارٍ من الآثامِ،
ظلِّي الزَّهرةَ البيضاءَ،
مسموعٌ شذاها المنتظَرْ
أنصتي للطّائر الباكي على مئذنةِ العمرِ
أما تذروهُ ريحٌ
ويوافيهِ ضَجَرْ؟
أنا لولا فصلكِ المُخْصِبُ، مازلتُ على قارعةِ الحبِّ
كلاماً مهملاً يفترشُ الوحشةَ،
أو يَطْوى على أجراسِهِ عُرْيَ المطَرْ
شمسُ عينيكِ حنانٌ يرِثُ الرّوحَ، ويلقي
بجرار العشقِ في بركةِ خمرٍ
شعشعتْ منها مناراتُ العسلْ
وأنا بين يديكِ
جالسٌ في صوتِ عصفورٍ صحا
فجأةً من نومه الورديِّ،
وانساب على ريشاته ماءُ النَّدى
لَمَّ المدى في حجم منقارٍ نمَا وانْفتَحا...
عندما يبكي جناحاكِ، فيُبكيني جناحاكِ عليكِ
أيّ رؤيا يا عذابَ الرَّاحلينْ
أيّ رؤيا من رجوعْ
سكنت مهدكِ واجتاحَتْ تفاصيلَ الحنينْ؟...
... ... ...
وردةٌ تجمَعُنا
قهوةٌ تطلقنا في طاقةِ الفجرِ سحابات عبيرْ
نوقظُ الأرضَ الَّتي لا تعرفُ النَّوم على أيِّ سريرْ
إنَّها الأرضُ الّتي ضمَّت خطانا
نذرتْنا لنؤدّي فرضنا
ماذا جنينا أرضَنا
حتى يعودَ الحبّ من رحلتِهِ الكبرى مُهانا؟
يا دعاءَ الحزن يا حزن الدّعاءْ
لا تزيدي البُعدَ مابين يدِ الأرضِ وأنهارِ السَّماءْ
الألوهيَّةُ في عينيكِ أبعادٌ رمَتْ
في جسدي أزهارُها خيراً وبشرى وغناءْ
كيف لا أملأُ هذا الملأَ الأبيضَ أقمارَ قصائدْ
وأنا بين يَدَيْ هذا الجمالِ الحرِّ ساجدْ؟
وأنا أيقونةُ الوجدانِ في حضرةِ أنثايَ،
ومعبودٌ... وعابدْ...
__________
15 / أيار /1995.