جسدي غرفة خمر - علاء الدين عبد المولى
ليس محفوراً على ماءٍ كلامُ الصَّحوِ، لا
ليس مرفوعاً إلى برج من الوهمِ ابتهالي
ليس منسوجاً من الرِّيح قميصُ الفجرِ إذْ
يجمعُ أعضائي من البردِ، ويلقي في جيوبي
ورقاً مشتعلاً
ليس كهلاً ذلك الصَّوتُ العلائيّ، وإنْ قالتْ
عيونُ الدَّمِ:
كم هذا المغنِّي اكتهلا
أنتِ لي بوصلةٌ خضراءُ أو زرقاءُ، أو حمراءُ في ليلِ الرّمالْ
فلتعودي بحنيني لديارٍ سكنت فيها خيولٌ
كلَّما زوَّجتُ آفاقي خَيلاً ، قُتلا
لا تكوني آخر الخطْواتْ في الدَّربِ الَّذي ما اكتملا
كحِّلي عينيَّ باللّؤلؤ في عينيكِ،
ذُرِّيني على جسمكِ أمطاراً، أوافيكِ بلا
أيِّ قاموسِ وصايا
وأردّ الشّهوةَ البكر إلى يَنْبوعها
ماكنتُ في يَنبوعها الأوَّلِ إلاَّ أوَّلا
نحن بُعدانِ إذا ما اتَّصلا
أخذا العالمَ من أطرافهِ
ألقيا تحت رمادِ الكونِ سرَّ الجمر كي يشتعلا....
من هنا مزمارنا ينشدُ، من أنثى تحيط الرَّجلا
بذراعين من الفضَّةِ، أو ساقين من قيثارِ زهر الياسمينْ
من هنا، أو من قفيرٍ فيه نُدْعى عسلا
غيِّمي أكثرَ كيْ أدخلَ في مجد السَّماواتِ العُلى
جسدي غُرْفةُ خمرٍ ثَمِلَتْ فادَّاخَلَتْ جدرانُها
لوحةٌ عتَّقَها الفنَّانُ في جرِّة ألوانٍ بكَتْ ألوانها
جسدي يَعْقِدُ خصر الأرضِ بالرِّيح لتغدو أجملا
جسدي صمتُ (بيانو)
افردي فوقي أصابيعكِ ولتبدأْ بعزفٍ مُفْرَدِ
جدِّدي الإيقاعَ لطفاً جدِّدي
نزفت رقصاً جراحاتي، على أي المقامات تغنّينَ؟
على البُعْدِ الخرافيِّ أم العُري السِّهاميِّ
أم الفلِّ الحليبيِّ على مشرقِ نهدينِ يشقَّان
الهواءَ المُثْقَلاَ؟...
وعلى أيّ المقامات سآتي عاشقاً تزرعه النَّارُ،
فكوني منجلا
وسآتي أمّةً تَبْني على جسر لغاتي دُوَلا
حجراً يسند بنيانَكِ، حتى يختفي بين الغمامْ
ثمَّ نهوي مطراً مكتملا...
____________
18/آذار/1995