في بياضك فسحة للكلام - علاء الدين عبد المولى

تتنفَّسُ الكلماتُ فجرَ خطاكِ‏
راضيةٌ بعطرِ صداك مرآتي‏
أأدخلُ خلوةً لأضيءَ،‏
أم أمشي على ماءٍ،‏
شطحتُ، وأنت غزلانٌ تطاردها الحروفُ‏
ورقٌ لطيفٌ في بياضكِ تنسجُ الأشواقُ فيه ربيعها‏
ويموتُ وقتٌ في أصابعهِ خريفُ‏
هذي رؤوسُ براعمٍ غمرَتْ سياج الصَّيفِ‏
من لغتي إلى عينيكِ: جسرٌ فيك ينقلُ أغنياتي‏
لمثالها العالي، لتكبرَ بي جهاتي‏
زهرٌ على عنق أصابعيَ الرّشيقةُ‏
كيف ترتشفين هذا الياسمينَ‏
عليك أن تتخفّفي من إرثِ طاغوت الرّمادِ‏
ومن طواحين الطّغاةِ‏
تتوالدين من الشَّقائق والغمامِ‏
ومن زواج الماءِ والنَّعناع في عرس الحياةِ‏
ذكَرُ المساء يطلُّ من شفتيكِ نجمةَ شهوةِ‏
تتعمَّدين بنورها‏
وتسامحين بلوغَها شفقَ الرّحيلِ‏
ذكَرُ المساء جميلةٌ خطواته‏
في شارع الأنثى الجميلِ‏
لُمَعٌ من الذّكرى على قدميه تسقطُ‏
روحهُ شبّاكُ أسماءٍ تطيرُ‏
عنوانُه: أين اتّجهتِ يكون عنوانٌ له ويكون نورُ‏
هل مرَّ قربكِ شاعرٌ قبلي؟‏
ورقّصَ فيك خصرَ الموجةِ الأولى‏
يهيِّجُها صعودُ البحرِ من ساقَيْنِ‏
يسبح فيهما الخمّارُ‏
يملأ من كلامك جرّةً‏
وخيالُه يبني مجرّاتٍ تنيرُ وتستديرُ‏
... ... ...‏
موَّجتُ ألطافَ الحرير على ذراعيكِ،‏
التصقتُ بسرّةٍ شيّدتُ فيها كوكبا‏
ومنحته أسرارَ ميلادٍ سيأتي‏
من أين جئتِ؟ وكيف أنتِ؟‏
تنداح ماءُ الأسئلهْ‏
رمزاً كشفتُ جذوره فنَمَوْتُ فيه‏
ماذا عن الطّين المقدَّس؟‏
كيف تنتزعين حكمتَهُ؟‏
وتمتزجين في نار الوَلَهْ؟‏
أنا ما رأيتكِ‏
لي إذاً عطرٌ تحجَّرَ في قميصي‏
لي غداً ميعادُكِ القمحيُّ‏
في كَرْمٍ أنا الكرَّامُ فيه.‏
لن تُثمِري إلاّ إذا ثبَّتِّ فيَّ جذوركِ الأولى...‏
أحبّك عندما تعلو البيادرُ فيك حتّى‏
آخرِ العُريِ النَّبيلِ‏
وأنا كثيرٌ فيكِ، مكتنز بآيات النّخيلِ‏
تهوي سقوفُ الزَّهر حين تغادرين‏
وأنا على قدميكِ أفتتح احتمالاتي وآتي‏
في صُدْفةٍ، أو موعدٍ يمتدّ من عشب الخلودِ‏
إلى حدودٍ لا تسمَّى‏
كم كنتِ للأعشاب نهراً، كنتِ للأيّام أُمَّا‏
لا تذهبي من بعدِ عيدِ حصادنا‏
مَثَلٌ من الأمثالِ نحنُ يضيفُنا ربُّ الحَمام إلى‏
دفاتره ليبعثنا صباحٌ من هديلْ‏
لا تذهبي خلف الضّبابِ‏
في القلب تأويل الكتابِ:‏
ولم يعُدْ إلاّ القليلْ...‏
___________
30/حزيران/ 1995‏