صباحٌ يوميٌّ - علاء الدين عبد المولى
أنا للأُفْقِ الَّذي من برعم يبني سماءً ساجدةْ
لترابكْ..
أنا للقهوةِ يعلو عطرُها الهاليُّ في نبضِ العروقِ الرَّاكدَهْ
خلفَ بابِكْ.
أُولِمُ الفجرَ لذكرى عبَرَتْ أمس يدينا، وتداعت شاردَهْ
في غيابِكْ.
أنا للأوراقِ في ظلِّ الغناءْ
أتهجّى رحلةَ الشّمسِ،
وصوتَ البائعِ الجوَّال،
خُطْواتِ النِّساءْ
أنزوي في بقعةٍ طرَّزها ((لحنٌ عراقيٌّ وإنْ كان حزينْ))1
أحشدُ الفكرةَ في دفترِ أسرارٍ غلافاهُ يداكِ
وأنا بينهما سِفْرٌ من العشقِ تَباهى بمرايا الياسمينْ
لغتي شقّتْ رداءَ القَلَقِ التَّالفِ،
واجتازَتْ ألوهيّةَ عينيكِ بما تنبئُ عيناكِ،
أراكِ الآنَ أنثى شرحتْ ألغازَ يأسي
فكَّكَتْ رمزي الجليديَّ
أعادَتْهُ إلى شمسِ اليقينْ
دارَ بي وقتي إلى منبعِ عينيكِ تدوران من الدَّاخل
كالُّلؤلؤتَيْنْ
دارَ بي جوعٌ إلى الّلؤلؤ
وافتضّتْ يدي أقمشةَ اللَّوزِ،
وعبَّأتُ جيوبَ العري بالفستقِ والطِّيبِ
وحبَّاتِ الشَّبقْ
نضجَتْ قوتُنا الآن، اصعدي بالماءِ حتَّى سطح قلبي
فأنا في الظّلّ أستقرئُ أشباحَ الوَرَقْ
كيف جَمْعُ الحزن ينسابُ؟
أما علّمته أن يختفي خلفَ شفاهٍ وتَّرَتْ قوسَ
دمائي؟
ادخلي تحت قميصي قطَّةً عاريةً
تفترسُ الجمرَ الَّذي ينمو على لحمي
ولُمِّي قطعَ الخُبْز الجحيميِّ
وبُلِّيه بخَمْرِ الأنبياءْ...
قامتي تولدُ من أولِ تفّاحةِ إثمٍ
وإلى آخر نبضٍ قادرٌ فيه على عشقِ النّساءْ
قامتي خارجةُ من نَصِّ أجدادي لتطوي
بيديها الرِّيَح، تمتدّ وتمتدّ، فما أوسعني... رحبٌ...
فيا خلقُ ويا حقُّ ويا عشقُ...
لماذا عندما يتَّسع الشَّاعرُ
لا تكفيه آفاقُ الفضاءْ؟
***
1 عن مظفر النواب.
__________
21/آذار/1995