صعود وهبوط على سلَّمها - علاء الدين عبد المولى
هبَّ قلبي عندما هيَّأتِ هذا المعبدَ العاري
وفتّحتِ الشَّبابيكَ، وأبعدتِ السّتائرْ
طار من صدري حمامُ الصَّلواتْ
وابتدأتُ الذَّوبان اللاّنهائيَّ بأسرارِ الحياةْ
آخذاً منكِ المعاني الاحتفاليّةَ للحبِّ،
ومقذوفاً إلى الأعلى، ومنثوراً على كلِّ الجهاتْ
مثلما بعثرَ شكلَ الكونِ شاعرْ
بادئاً من جبهة تنشئُ شمساً
في شتاءِ القُبلاتْ
هابطاً حتى ارتجافِ القدمينِ المستريحين كسيَفَيْنِ بقلبي
وأنا بينهما تفَّاحةٌ مشطورةٌ عبَّأها العطرُ،
وألقاها من النَّافذة العليا صغيرٌ
كان في الحلم يسافرْ
جمع الوقتَ مراياه أمامي
ورآني ضائعاً بين الظِّلالْ
لم يكن غيرُكِ في تلك المرايا امرأةً تقلِبُ فنجاني
وتنساني على قمّة نهديها أغامرْ
نازلاً وادي العذارى
صاعداً نار الجبالْ
عاثراً بالعشبِ في إبطيكِ،
مسنوداً إلى تلَّة ردفيكِ،
مضيئاً بين ظلْماتِ الجمالْ
وجمالِ الظّلماتْ
مسَّ روحي برقُ عينيكِ وقصفُ الشَّهواتْ
كلما أطفأتُ قنديلَ سؤالٍ فيكِ، أغراني سؤالْ...
بحَّ صوتي وأنا ألهثُ في عري الأناشيدِ،
وأستجدي على باب الهوى ينبوعَ نارْ
يشعل الأحجارَ في صدري ويرميني بعيداً
عن دراويش الغبارْ
وتراتيلِ الفقاعاتِ البتوليَّةِ والزُّهدِ المُعارْ
لم أكن أحمل تحت الجلد غيرَ الوطنِ الذَّاهب
في النِّسيان، والأنثى التي كرَّرها الوقتُ،
وغطَّاها ضجيج العائلاتْ
نقشَتْ في حائط العمر شروخاً
واكتستْ في اللَّيلِ أليافَ السُّباتْ
لم يكن إلاَّ الرَّماديُّ الذي يكتبُ أشعاراً بها
يشنقُ أعناقَ الفصولِ اليابساتْ
ويسوِّي جثَثَ الوجدانِ في جبَّانةِ الرَّوحِ،
أمِنْ موتى جُبِلَتُ؟
لأرى خاتمتي في الخطوة الأولى؟ أكنتُ،
طينةً مهملةً في جنَّةِ مفقودةٍ
تعصفُ فيها الرِّيحُ
تنشال إلى الأعلى وتهوي رمَّةً مأكولةً
ترعى بقاياها بقايا الكائناتْ
هكذا كنتُ، وكم جئتُ إلى إشعاعكِ الباهر يبكي داخلي وحشُ الفراغْ
قلت: هذا الكونُ غربانٌ وبومٌ وعويلُ
وأنا الصَّاعد من هاوية المجدِ، إلى أين أميلُ؟
وأنا أصغي إلى نبضِ ذراعيكِ البَعيدَيْنِ
يقولان كلاماً يفرُكُ القلبَ كما يُفْرَكُ عنقودٌ مساءَ العيدِ
كي يدَّفَّقَ الخمرُ، ويحيا داخلي حلمٌ قتيلُ
هل كثيرٌ أنا أمدَّ الأرضَ أشعاراً لساقيكِ؟
وهل معجزةٌ
أن أقصَّ الرّوحَ فستاناً ليُخّفي عريكِ السَّاحرَ؟
كم هذا جميلٌ وجميلٌ وجميلُ...
ذاك ميعادٌ لمن ضلَّ سبيلا
يا إلهي.. رائعٌ كلُّ ضلالٍ بعدَهُ هذا الوصولُ...
___________
19/آذار/1995