إذا لم أقل أنها - علاء الدين عبد المولى

إليها: الّتي ذوَّبتْ في عروقي شتاءً حنونا‏
أصابعها مثل بلبلِ فجرٍ ترفُّ‏
وتجدل للكلمات ضفائرَها‏
وأسمّي على ذكرها‏
باسم وردٍ نَمَتْ زرقةُ الماءِ فيه‏
أودّعها في النَّشيدِ‏
أعانقها تحت أروقةِ الغيم ظلاًّ كريما‏
إليها أزفّ البشارَهْ‏
وأحدسُ، أنَّ على لمسةٍ من يديها‏
تضاءُ منارَهْ‏
كلامُ الغيابِ على قدمَيْها‏
يسيلُ حزينا‏
أشدّ على كفِّها في الظَّهيرةْ‏
تشدّ على لغتي في المساءِ‏
أرى الشّمس في صدرها كُوِّرَتْ‏
أراقَتْ على مشهدي صيفَها‏
وأنا قارئٌ صلواتِ الشِّتاءِ‏
أقول: أحبّكِ/‏
هل قلتُ للغيم -هذا المفاجئِ-‏
أنّي استعدتُ حناناً بعيداً؟‏
هنا يسهر الغيمُ بين يديكِ‏
وتشرين يقرأُ في داخلي أوَّل الحزنِ...‏
هل تتفتّح فينا مغاراتُ أسرارنا النَّائياتِ؟‏
خذيها إذاً همسةَ السّرّ مابيننا،‏
كلّما ابتعدتْ عن نوافذها الحُجَرُ الشَّتويّةُ‏
وانسكبت قريةٌ من أعالي الضَّبابِ‏
خذي بيديَّ، اصعدي وحشةَ الظُّلماتِ‏
هنا أوّلُ الكائنَيْنِ يضيئان فجراً‏
فواكهَ أنثى تقطّر ريحانَها في جراري‏
أراها انتشارَ الهواءِ اللَّذيذ‏
وبرداً أصابَ مصابيحَ حارتِنا،‏
ونداءً كتوماً على مشرقِ الدِّفِ والقهوةِ العربيَّةْ‏
أراها مرايا تذوبُ الوجوه عليها‏
فتختارُ وجهي ليصعدَ فيها‏
وأزرع بين خواتمها قُبلاً من دموعٍ‏
أربِّي حنيني إليها‏
أجيء بروجَ دمار‏
أرى الكون يحلُو بها.‏
أستعيدُ بروقي بما أَشْعَلَتْ مقلتاها‏
بمن أستعينُ على وصفها؟‏
على وصف أمطار أجراسها في حدائق ذاكرتي؟‏
بأيّ الّرموزِ أطرّز واقعَها المتخيَّلَ،‏
أو حلْمَها المتشكّلَ؟‏
أيّ يدٍ تغزلُ اللّيلَ فوق منامتها؟‏
أيّ أحذيةٍ من دموعي تسيرُ بها في الممرَّاتِ؟‏
أيّ ضلوعي سأختارُ حتَّى تعلِّقَ قمصانها؟‏
أيّ نار من الشَّهوات سأوقدُ حتَّى أسيِّجَ حمَّامَها؟‏
أيّ ماءٍ وأيّ عبير وأيّ... جنونْ؟؟؟‏
هي الكاف والنّون في رُقُم الحُبِّ،‏
لكنْ... إذا لم أقلْ أنَّها هكذا،‏
من تكونْ؟
_________
17/كانون الأول/ 1995‏