بَوْحٌ لَيلِيٌّ في انْتِظَارِ نَهَار .. - قحطان بيرقدار

في اللَّيْلِ تُقْتَرَفُ الحِكَايَاتُ الطَّوِيْلَةُ
أَيُّها المُصْغِي تَحَمَّلْ!
رَيْثَما يَرْتَدُّ مَاءُ الفَجْرِ
يَمْحُو كُلَّ ما قُلْنَاهُ..
يَغْسِلُنَا
مَنَ القِصَصِ القَدِيْمَةِ
عِنْدَهَا نَمْضِي لَنَبْتَكِرَ الجَدِيْدَ..
وَنَنْزَوِي في الكَوْنِ
أَكْبَرَ كَوْكَبَيْنِ
يُرَاقِبَانِ الشَّمْسَ عَنْ كَثَبٍ
وَنَكْتَشِفُ الحَقِيقَةَ
في اخْتِفَاءِ الجَمْرِ مِنْ دَمِنَا
وَنُدْرِكُ أَنَّنَا البَطَلاَنِ
في كُلِّ الحِكَايَاتِ التي تَهَبُ الحَيَاةَ
لِمَنْ يَتَابِعُهَا
وَتُشْعِلُهُ لِيُصْبِحَ
كَوْكَبَا..
كُنَّا صِغَارَاً في الرَّبِيْعِ
ولَمْ نَزَلْ في نَبْضِنَا الشَّتَوِيِّ
أَطْفَالاً
فَهَيَّا نَتْرُكِ الأَعْبَاءَ في رُكْنٍ قَصِيٍّ
لَمْ تَزَلْ لِلطِّفْلِ طَاقَتُهُ
لِيَنْسَى حُزْنَهُ في اللَّيْلِ
هَيَّا نَسْتَعِدْ بَعْضَ الطُّفُولَةِ
كَيْ نَعِيشَ
وَنَلْعَبَا ..
في وَجْهِنَا كُلُّ النُّبُوْءَاتِ التي تَكْفِي
لِتَجْعَلَنَا مِنَ الأَخْيَارِ
في هذا التَّعَرِّي مِنْ حَرِيْرِ المُعْجِزَاتِ
ولَمْ يَزَلْ أَحَدٌ هُنَا
مُتَلَفِّعَاً بِالصُّوْفِ في أَعْمَاقِهِ
لكنَّ حَوْلَ البَيْتِ
أَشْبَاحَاً
تُؤَسِّسُ لانْهِيَارِ البَيْتِ
كَيْ يَأْسَى جَمِيعُ الطَّاهِرِيْنَ
فَنُغْلَبَا!..
وَإِذَا غُلِبْنَا أُغْلِقَتْ في وَجْهِنَا
أَبْوَابُ مَنْفَانَا..
وَعِشْنَا كَالصَّعَالِيْكِ الحَضَارِيِّينَ
نَفْتَتِحُ القَصَائِدَ مِنْ هَشَاشَةِ نَبْضِهَا..
وَنُرَمِّمُ الأَيَّامَ كي نَحْيَا
وَنَأْكُلَ وَهْمَنَا
نَغْدُو ضِعَافاً
يُصْبِحُ البَيْتُ الذي نَبْنِيْهِ
كَهْفَاً مُرْعِبَا...
فَانْظُرْ إِلَيَّ تَرَ انْدِيَاحَكَ في عُيُوْني..
أَيُّها المُصْغِي إِلَيَّ
نَهَارُنَا آتٍ..
وَفِيْنَا مِنْ يَنَابِيْعِ الأُلُوْهَةِ
مَا يُرَوِّي قَفْرَنَا الوَحْشِيَّ
يَجْعَلُهُ لِعَذْرَاوَاتِ رُوْحَيْنَا
فَضَاءً مُخْصِبَا...
وَهُنَاكَ تُقْتَرَفُ الحِكَايَاتُ الجَمِيْلَةُ
تَغْمُرُ الأَكْوَانَ
حَتَّى تَسْتَعِيدَ وُجُودَهَا في اللَّيْلِ
لا أَرْضٌ تَضِيْقُ على كِلَيْنَا
إِنَّهُ الإِنْسَانُ
أَصْبَحَ أَرْحَـبَــا..