شراعي - قمر صبري الجاسم

شراعي
سفينةُ عمري قضتْ نحبَها
و بحرُ المحبةِ قبلَ حنانكَ قد كانَ أخضرْ
و كنتُ أسيرُ على هدي موتي
و منذ مجيئكَ موتي تعثَّرْ
أحبكَ مذْ وزَّعَ اللهُ فينا الشعورَ
و مِنْ فرْطِ وجدي الإلهُ تأثَّرْ
فكيف تفسِّرُ أنَّ فؤادكَ منذ رآني
على كثرةِ اللاجئاتِ لحبِّكَ
كلَّ تفاصيل روحي تذكَّرْ
حسبتُ جروحي تلاشتْ
تَهَاطَلَ دمعي كشلالِ سكّرْ
و إذ بي تراني على بعدِ موتٍ
و وجهكَ في غابةِ الروحِ أثمرْ
و ما قد تشهّدتَ
كنتَ تصلّي عليَّ صلاةَ مودِّعْ
و صبري يُصلّي صلاةَ المؤخّرْ
و أطلقتَ شَعري
ليكتبَ فيكَ قصيدةَ دفءٍ
على وزنِ قلبي
و ما كنتَ دفترْ
و ما كنتَ عذريَّ هذا الزمانِ
و قد فقتَ شهرةَ " قيسٍ " و" عنترْ"
و لَمْ ترتشف أيَّ ثغرٍ بجسمي
و كنتَ دعوتَ هيامي ليسكرْ
سمعتُ و أطبقتُ صمتي عليكَ
و ما كنتُ سلْماًً و لا الصمتُ عسْكَرْ
بروحي حياءٌ
و يحمرُّ وجهُ كلامي
إذا ما غراماً كلامكَ أمطرْ
أمِنْ فرطِ شوقي إليكَ ابتعدتَ
و قلبكَ مِنْ فرطِ حبي تصحّرْ!
خرقتَ السفينةَ عمداً لتُغْرِقَ حزني
و كنتُ سأعطيكها دون غصبٍ
و لي أنْ أنامَ على ظهرِ حلْمٍ تعكّرْ
برمحكَ قُدْتَ فلولَ الكلامِ
اخترقتَ اصطباري
على البعدِ
كلُّ الذي قد بنيتُ تدمّرْ
بربكَ لا تستحي مِنْ عويلي
و إنْ شئتَ مِنْ دمعِ يأسي تعطّرْ
أنا أَلُمْ غير بعدكَ عني
فكيف إذا لمتُ صمتاً تحجّرْ
لأنّكَ لمْ تطرقِ البابَ خلف انتظاري
و لمْ تعترفْ بالوداعِ المقطّرْ
و مشَّطتَ شِعرَ حنيني بكسرةِ وهمٍ
لئلا أصيرَ
كصائمِ حبٍّ و لَمْ يتسحَّرْ
فلا تبكِ حين أذوبُ أمامكَ حباً مصفّى ,
و لا تذرفِ الشعرَ حين أهيمُ
على وجهِ روحيَ
آنَ احتضاري
فحين أموتُ
سيبكي عليَّ حنينكَ أكثرْ
ستسقي الحروفُ رفاتي
و أنبتُ أخرى
تحبُّكَ أكثرْ
تئنُّ جروحُ الكلامِ
على وحي عشقي
تحاولُ تفسيرَ ما لا يُفسَّرْ
لماذا أكابدُ كلَّ العواصفِ
كيف أعاني مِنَ الموجِ وحدي
و كيف الوصولُ إلى ضفّتيكَ
و أنتَ شراعي
و منذ بدايةِ رحلةِ موتي
شراعي تكسّرْ