في عيدِ هذا الحزن - قمر صبري الجاسم

في العيدِ تسألُني الرسائلُ
أين قبلتُها ؟ و أين حنانُها ؟
في العيدِ يقتُلُني الحنينُ إلى البعيدْ
العيدُ يسبقني إليها ..
كم كانتِ الأحلامُ تأبى أنْ تنامَ
لكي يفيقَ الصبحُ
ألبسُ ما تيسَّرَ مِنْ خزانةِ لهفتي
لا لم يكنْ جسدي ثقيلَ الهمِّ بعدُ
و قامةُ الذكرى طريٌّ حزنُها ..
هل سوف تبتسمُ المرايا إنْ لبستُ
لها ثيابَ الصبرِ في العيدِ الجديدْ ؟
مَنْ سوف يُعطيني هنا عيديَّةَ الأحلامِ ,
ثمَّ يَحثُّني, لا أشتري ألَماً
فأُزعجَ أهلَ حارتِنا بِفَرْقَعَةِ الدموعْ ؟
مَنْ سوف يدعو لي تبسّمْ ..
أو يُطبطبُ فوقَ أكتافِ الغيابِ
لكي يُحرِّضَ قلبَ حزني أنْ يُهلِّلَ
: إنه العيدُ السعيدْ
في العيدِ لا وطنٌ يُسرِّحُ ضحكتي , لا أصدقاءَ
يُخيِّمونَ على دموعي , لا أهالي حارتي
يتلقَّفونَ ملامِحَ الآمالِ ,
لا البقَّالُ يومي لي , تعالَ لتشتري حظَّاً
و لا أُرجوحةٌ تشفي غليلَ طفولتي
كم كنتُ أقفزُ مثلَ ذاكرةٍ
لأقتادَ الحصانَ على هوايَ ,
و ها أنا أقتادُ أحلامي و لكني وحيدْ
في مثلِ هذا العيدِ كنتُ
على مسافةِ فرْحةٍ مِنْ حضنِها
في عيدِ هذا الحزنِ مختلفٌ , أفقتُ
على رنينِ أنينِها
و الهاتفُ المِعطاءُ
يحضُنُ دمعَها , و أنا أقبِّلُهُ ..
فيشعرُ بي , و يلثمُ كفَّها
–" أمّي .." أُناجيها .. فتعرفُ أنََ ذاكرتي تمزَقَ
ثوبُها ..
- "ولدي .." تُحاولُ أن تواري سَوْءةَ البُعدِ
المُضرَّجِ بالحنانِ بما يُخفِّفُ وحْدتي ..
تبكي فتلتئمُ المسافةُ
كلُّها و أعودُ طفلاً بين أحضانِ ابتسامتِها
أغرِّدُ , حين يُقفِلُ هاتفي المحمودُ
حضْنَ الصوتِ يخذِلُني النشيدْ
و أعودُ أجلسُ
خلف مِقْوَدِ غرفتي , درّاجتي الذكرى, أصيرُ
بلحظِ ذاكرةٍ أنا ساعي البريدْ
أتلقَّفُ القبلاتِ و الحلوى و أطباقَ الحنانِ
أُجمِّعُ الأشواقَ أحضنُها , كأنَّ دمي تجمَّدَ
في عروقِ الهاتفِ النقّالِ فارتَعَشَ الحديدْ