أوصتني أمي أن أبقى مثل القرآن نقيّاْ - محمد مأمون نجم

أوصتني أمي أن أبقى مثل القرآن نقيّاْ
نَضْراً كالورد .. ومثل الصبح نديّاْ
زرعتني في ظل العرش الأعلى ملَكاً.. بشراً
ونخيلاً يورق أقماراً في ليلة حُسنٍ تتنهدْ..!
قالت لي : ( إن الدنيا جسر آخره يومُ الساعةْ
غرباء نحن ..على جسر الأيام نمرّ سراعاْ )
قالت لي : ( إن الحرف كسيحٌ .. فاترك وجدانك يتشهدْ …
والمسلم - قالت - يا ولدي من عاش ليحمل في جنبيهِ "محمدْ "..! )
أبكي كلماتِك يا أماهْ -
وأنا ما زال الله يندّي روحي قبل الفجر بقطرة دمعْ !
أحيا وسط المحرقة الكبرى وأنا كالشمعْ..
وأحب النحل وجني الشهد..بشرط واحدْ :
أكره جداً طعم اللسعْ !!
لا تعرف أمي أني أهوى النوم على الطرف الأيمن من عمري
ويحاصرني بركان الماس الدموي ، ولا تدري..!
في القرن العشرين أنا.. والغربة تملأني غربةْ
أتلوآيات الله فتورق في كفي حربةْ..!
لكن الربع الخالي من جسدي -أقصد رأسي !!-
يوجس خوفاً عند سماع صهيل الخيلِ -
ويفجعه أنْ لاتَ شفاعةْ..!
هذا الربع الخالي يقفر كل دروب الوطن العربي المسلمِ -
من جندب ابن جنادةْ
وبلا قرآن في الوجدانْ
فإن جميع رجالات العصر المتحضر هذا أطفالٌ -
في طور رضاعةْ .
هذا الربع الخالي..
ما غبر نعل نبي أبداً حتى هذي الساعةْ !
صدري مقبرة تحوي أفقاً شفقي الشطآنْ
خضبوه بلون الدم النازف من أصحاب رسول الله على الوجدانْ
وصحيح أن القرآن بأحداقي
وأنا أتغنى بالإيمانْ
لكن يرعبني جداً أن أحمل لقب العربي الآنْ..!
رضي الله تعالى عن قلبي ..
كان يقول لعقلي ( أنت جبانْ)!
هذا ما كنتْ..
واختلفت جداً راياتي الآنْ
أمشي في أرجاء المدن الكبرى
فوق جسور الجمر اللاهب.. باطمئنانْ ؛
فرسول الله يقبل غرةَ خيل الحرب الخضراءَ بكل مكانْ
يتباهى بالسيف الماردْ
كفاه الحانيتان.. على قلبي..
وأنا - نحوالمشكاة وكوكبها الدرّي ونفسي- عائدْ
النصر لكل الغرباء المنتشرين على صخرات الذل ليوم الدينْ
النصر لهذا النَسر الناشر فوق القرآن جناحيهِ..
لا يأبه بتهاوي أسياف الظلم وكل سياط الجلادين
وأنا أتذوق طعم الدمعِ الحلوِ،
وطعم العرق الناضح من جسد الخيلْ،
خيل الله إذا ركبت لملمت غبار حوافرها بالهدبِ
وما التاريخْ ؟!
إن الشمس إذا طلعت تُشرق من حد السيفِ ,
ومن نعل الفارس يبدأ كلُّ التاريخْ..!!