كم سألت..!! - محمد موفق وهبه

كم سَألتُ النجومْ
عنْ سَناهَا لِمَاذا يُغطى بألفِ وشاحْ
مِنْ أسىً وَوُجومْ ..؟!
أَلِسِرٍّ غريبْ
لا تريدُ تجيبْ..؟!
كم سَألتُ الصَّباحْ..!
أين تمضي فلول الضّياءْ
حين تزحف جندُ المساءْ
وتغطي الرّبى والبطاحْ..؟
كم أَطَلَّ على الكون فجرٌ جديدْ
يوقظُ الأطيارْ
بسناهُ البهيجْ..!
فَشَدَت فَرِحاتٍ لميلادِ يومٍ سعيدْ
واطمأنّ النهارْ
وانتشى ضوؤه بالنشيدْ
فتمَطّى وجالْ
في رياض الجمالْ
ثم راحَ يسيحْ
في الفضاءِ الفسيحْ
مُطلِقاً في الرّحابِ جِيادَ النّوالْ
ناثراً لؤلؤاً ونضارْ
في القرى والديارْ
في المروجْ
في حقول الأريجْ
في أعالي الجبالْ
في السفوحْ
فيموجْ
عالمٌ من بهاءْ
ثم يأتي مساءٌ جديدْ
ويُبيدْ
كلَّ حسنٍ فريدْ
ويعيث بِفِكري دُوارْ
ويحارْ
للسؤال العَجيبْ:
" أين يمضي الصباحْ..؟
أينَ يَمضي النهارْ..؟
والضياءُ البهيجْ
أَينَ وَلّى وراحْ..؟ "
كم سَألتُ ابْتِسَامَ الضُّحَى واكتئابَ السَّحَرْ
وارْتِعَاشَ الظلالْ
في اللَّيالْ
حَيْثُ يَسْري القمَرْ
عَبْرَ تِلكَ الحُقولْ
ويَجولْ
هَامِسًا فِي حَفيفِ الشَّجَرْ
قافِزًا مِنْ أعَالِي التلالْ
ناظِراً مِنْ ِشِبَاكِ الغصُونْ
بَاسِمًا سَاخِرًا مِنْ هُمُومِ البَشَرْ
لوْ يُجيبُ السُّكونْ
كُلُّهمْ سَيَقولْ:
" هَكَذا يَا حَزينُ الحَيَاةْ
زَوْرَقٌ مِنْ خَيالْ
نرْتَقيهِ فيَمْضِي إلى الأمنِيَاتْ
ثمَّ يَغرَقُ قبلَ الوُصُولْ
فَإذا شِئتَ تَحيا بِدونِ اكتِئابْ
وَتُزيلُ عَنِ القَلبِ ثِقلَ الهُمومْ
وعن الوجه وَحْلَ الوُجومْ
لا تَسَلْ ما وَراءَ الضَّبابْ..؟
ابتَسمْ لِلحَياهْ
وابتعِدْ عن جحيمِ القَلَقْ
تمشِ فوقَ المياهْ
لا تخافُ الغَرَقْ
ابتسمْ للحَياهْ
مثل بسمتها لك حين أتيتَ الوجودْ
حينَما استَقبَلَتكَ بِحضنٍ ودودْ
بِالرِّضا والسّرورِ، وَبادَرتَها بِالبُكاءْ
.
1961