كأنني شراع - محمد موفق وهبه

اليَوْمَ يَا حَبيبَتِي سَهِرتُ
ما ذُقتُ طَعمَ النَّومِ حَتى الصُّبْحِ حَتى هَذِهِ الدَّقيقهْ
رَكِبْتُ جُنحَ مُهْجَتِي وَطِرْتُ
أسيحُ فِي دُنيَا مِنَ الأحْلامْ
فتحْتُ أبْوَابَ صُدُورِ العَاشِقينْ
دَخلتها.. سَمِعْتُ خفقاتِ الهُيَامْ
قرَأتُ أسْرَارًا دَفينَهْ
سَفَحْتُ دَمْعَاتٍ سَخينَهْ
حَمَّلتُ ألفَ آهَةٍ فِي زوْرَقِ السَّكينَهْ
هَدِيةً للمُسْهَدِينَ الصَّابرينْ
لِكُلِّ قَلبٍ فِي سَرَابِ الحُبِّ ضَاعَ لمْ يَجدْ طريقهْ
وَجُلتُ جَناتِ الهَوَى حَديقَةً حَديقَهْ
نَشَقتُ أرْوَاحَ الغَرَامْ
عَصَرْتُ أكوَامَ الزُّهورْ
جَمَّعتُ أكمام الورودِ كلَّها فتحْتُ أكيَاسَ العُطورْ
صَنعْتُ مِنْ رَحيقِهَا خُمُورْ
سَكِرْتُ ألفَ مَرَّةٍ دُونَ مُدَامْ
وتهْتُ فِي الصَّحْرَاءِ يَا حَبيبَتِي ضَيَّعَنِي الغرَامْ
وَنمْتُ فِي العَرَاءْ
شَيَّدْتُ ألفَ مَنزِلٍ لِلمَوْعِدِ المَرْجُوِّ.. لِلِّقاءْ
زَيَّنتُ كُلَّ غُرفَةٍ..
بِهِ وَكُلَّ شُرفَةٍ
لِتُعجِبَ الأميرَهْ
أَميرَتي حَبيبَتي الحَسناءْ
بَنَيْتُ آمَالاً كَبيرَهْ
كَتَبتُ أشعارًا كَثيرَهْ
كُنتِ بِها الخَيالَ وَالأحلامَ والإلهَامْ
وَغُصْتُ خَلفَ خاطِري فِي هُوَّةٍ سَحِيقَهْ
أَبحَثُ عَنْ أُمنِيةٍ غَريقَهْ
وَالنّاسُ كُلُّ النّاسِ يَا حَبيبَتِي نِيَامْ
وَليْسَ إلا الصَّمْتُ وَالظَّلامْ
ثُمَّ رَجَعْتُ خائِباً لا أَعْرِفُ الحَقيقَهْ
أَشُقُّ أضْلاعِي بنصلِ آهَةٍ عَميقَهْ
وَالآنَ يَا حَبيبَتِي..
تَلَمَّسَت أشِعَّةُ الصَّباحِ شُبَّاكِي
وارتحل الظلّ بلا وداعْ
تلهفت رُوحِي لَها وعانَقَتها قَبَّلَت كُلَّ شُعَاعْ
طارَت إِلَيها إِذ بَدَت في حُسنِ مَرآكِ
وا دهشتي..!
طيف الحبيب زارني عطراً مع الأنسامْ..!
ودونما أحلامْ..!
يرف دون وجهه وشاحْ
مطرّزاً ورداً وياسمينَ وابتسامْ
وا دهشتي أطل طيف حلوتي
يرفل معْ أشعة الصباحْ..!
وَلمْ تزَلْ أصَابعِي تُعَانِقُ اليَرَاعْ
كَتَبْتُ يَا حَبيبَتِي الكَثيرْ
مَزَّقتُ يَا حَبيبَتي الكَثيرْ
ولمْ أزلْ أسيحُ فِي السُّطورْ
كأننِي شِراعْ
قد ألِفَ الضَّياعْ
يهيمُ في خِضَمِّهِ الكَبيرْ
تدفعهُ الرِّيَاحْ
تقذفه ترفعه دون جناحْ
فلا يَعِي لأيِّ شَاطِئٍ يَسِيرْ
حبيبتي، عُذراً فلن أذيِّلَ السُّطورَ بِ "الوداعْ"
سَأترُكُ القلمْ
إلى اللقاءِ.. مُرْغَماً حَبيبَتِي سَأترُكُ القلمْ
.
1965