سُدى - محمد موفق وهبه

أَقـولُ لِقَلبي: لَقَـد مَـلَّ مِنّـا
المَسـيرُ وَ قَد نالَ مِنّا الكَـلالْ
زَرَعنا الغَـرامَ بِخَدِّ السُّـهولِ
وَصَدرِ الهِضابِ وَ ظَهرِ التِّلالْ
فَلَم يَبقَ وادٍ خَـلا مِن هَـوانا
وَلا قُنَّـةٌ في أَعـالي الجِبـالْ
تَعِبنا وَ نحنُ مَدى العُمرِ نَجري
صُعوداً هُبوطاً يَمينـاً شِـمالْ
أَلا نَسـتَريـحُ إلامَ سَـنَبقـى
وَراءَ ضَبـابٍ وَوَهْـمٍ وَآلْ..؟
.
تَـوَرَّمَـتِ القَـدَمـانِ عَيـاءً
وَأَتلَفَ وَعـرُ الـدُّروبِ النِّعالْ
تَرَيَّـثْ وَدَعْنا نَعُدْ حَيـثُ جِئنا
قُبَيـلَ فَـواتِ الأَوانِ فَقـالْ:
ضَلَلنا أضعنا طَريـقَ الرُّجوعِ
فَيـا لَيتَنـا لَم نَشُـدَّ الرِّحـالْ
سُـدىً قَد تَبِعْنا طُيورَ الأماني
هَباءً مشينا السِّـنينَ الطِّـوالْ
حَسِـبنا الوُصولَ قَريباً وَ سَهلاً
فَكـانَ القَريـبُ بَعيـدَ المَنالْ
تَرَكنا الدِّيـارَ قُبيلَ الشُّـروقِ
وَوَلَّـت سُـوَيعاتُ بَعدَ الزَّوالْ
وَ غَطّى جَناحُ الغُروبِ الضِّياءَ
وَمَدَّ عَلى الأرضِ سودَ الظِّلالْ
.
وَعَمّا قَريـبٍ يَسـودُ الظَّـلامُ
وَيَغدو بُلـوغُ الدّيـارِ مُحـالْ
سَـنَنتَظِرُ الفَجرَ عَلَّ الضِّيـاءَ
يُعيـدُ إلى الدَّربِ وَجهَ الجَمالْ
فَبِـتْ لِشُـروقٍ جَديـدٍ يَـرُدُّ
المعالِمَ يجلـو طَريـقَ المـآلْ
فَلا يَلتَقـي بِـكَ وَحشُ الظَلامِ
وَ لا يَتَحَـدّاكَ تيـهُ الضَّـلالْ
.
2000