vocale - نائل الحريري

إلى "فوكيل"
عطرها المستلقي على رخام دفاتري
- 1 -
لم أدرِ كيفَ اختارنـي بالذاتِ
العطرُ . . . عطرُكِ أنتِ يا مولاتي
كالموتِ ... شلَّ خواطري واحتلَّنـي
جيشاً من الألوانِ والأصواتِ
وأنا حبيسٌ في حروفِ دفاتري
أحيا وأفنـى داخلَ الصفحاتِ
وإذا به من كلِّ صوبٍ جاءنـي
وأضاعَ بوصلتي وسَدَّ جهاتي
ألقاه يدخل في انتشاءٍ غرفتي
وينامُ منتشياً على كلماتي
وأراهُ يعبثُ في ثنايا مكتبي
وملابسي، ودفاتري، ودواتي
وأنا ... كتمثالٍ أصمَّ، كلعبةٍ
لا في يدي نطقي، ولا إسكاتي
أبكي... وأضحك... ثمّ أبكي ضاحكاً
حيرانَ من دمعي... ومن ضحكاتي
- 2 -
هو أنتِ سيّدتي، أتى بجنونهِ
وبحزنهِ المكبوتِ في الهمساتِ
هو منكِ طيفٌ جاءَ يوقظُ صبوتي
ويحيلنـي ناراً من الرغباتِ
هو وجهُكِ الفتَّانُ حين عرفتُهُ
نوراً... ملاكاً ناعمَ القسماتِ
هو أنتِ أنتِ.... بطيشِهِ و جنونهِ
وبعنفِ إعصارٍ، و قلبِ فتاةِ
ألقاه يحملنـي إليكِ... يضمنـي
في ذكرياتِ الأمسِ... ثمَّ الآتي
والآنَ عدتُ أراكِ ملءَ قصائدي
وأراكِ في صوتي، وفي أنَّاتي
ورجعتُ أحصي كلَّ شبرٍ ضمّنا
وبقيَّةَ الأنفاسِ في النسماتِ
أحصي الدّموعَ ... ولملماتِ حديثِنا
وأعودُ ألعنُ قوَّتي و ثباتي:
لِـمَ لَـمْ أذُبْ وجداً أمامكِ يومها؟
لم تاهَ قلبي، وانتهتْ كلماتي؟
لِــمَ كنتُ أعمى... لمْ أُحسَّ بمنْ أتتْ
لتضمَّ قلباً متعَبَ الخفقاتِ
ورفيفُ عطرِكِ كيفَ عادَ يهزَّنـي
يحيـيكِ في قلبي وفي نظراتي؟
ويعيدُ وجهَكِ نجمةً، ويعيدنـي
عبداً أمامَ مليكةِ الملكاتِ؟
- 3 -
شفافةٌ كالحُــلْمِ أنتِ، صديقتي
وبريئةٌ كالطهرِ، كالقُـبُـلاتِ
وأنا غبيٌّ... ساذجٌ... متخاذلٌ
لمْ أجنِ من عمري سوى الآهاتِ
متأخراً أدركتُ ما تعنـينَ لي
ورفعتُها متأخراً راياتي
هيَّأتُ كلَّ عواطفي متأخراً
وملأتُها متأخراً كاساتي
الآنَ أبحثُ عنكِ بينَ قصائدي
في الأوجُهِ السمراءِ... في الطرقاتِ
عبثاً أفتِّشُ عنكِ ملءَ خرائطي
وأعودُ أجمعُ يائساً أشتاتي
طفلٌ أنا لو تعلمينَ – صديقتي -
مدّي إليَّ يديكِ طوقَ نجاةِ
يا أنتِ... سوفَ أظلُّ دونَكِ غارقاً
وأظلُّ ذاكَ الطفلَ كلَّ حياتي
- 4 -
هذا مصيري... أن أعيشَ مجدّداً
في هذه العينـين... في لحظاتِ
وأعودَ أكبرَ خاسرٍ... وخسارتي
كالحبِّ، أكبر من مدى أبياتي
شكراً إليكِ، لقد أعدتِ اليومَ ما
خلَّفتُهُ في عالَمِ الأمواتِ
واليومَ... صارَ لديَّ قلبٌ نابضٌ
هو أنتِ في قلبي، وفي نبضاتي
- 5 -
شكراً لحبٍّ صارَ يوماً قِبلتي
ألقاهُ في دمعي، وفي ضحكاتي
شكراً لضيفكِ، كيف أحيا في دمي
ذاكَ الهوى الماضي، وحطَّمَ ذاتي
شكراً لكلِّ دقيقةٍ... أو لحظةٍ
من أدمُعٍ حرّى... و من آهاتِ
شكراً لعطركِ...
ألفَ شكرٍ.... فــلـــّتي
لولاهُ ...
لمْ أدركْ مدى مأساتي. . .
*
2002