الأعداء - نائل الحريري

- 1 -
الدّاءُ والأشواقُ والمللُ
وأنا طَروبٌ بينَها، ثَمِلُ
والوقتُ لوحاتٌ أعلّقُها
فيها أنا الخلاّقُ والبطلُ
فاليومُ مثلُ غدٍ، وبعدِ غدٍ
وكلاهُما – كالأمسِ - مُرتَجَلُ
لا شيءَ في الماضي أخبِّئُهُ
أو قادمٌ يوحي بهِ الأَجَلُ
كأسي الدِّهاقُ قصيدةٌ هَرَبَتْ
فاليومَ خمرٌ مُسكِرٌ هَطِلُ
وأنا الخليفَةُ بعدَ أن قُطِعَت
كلُّ الرُّؤوسِ ونخَّتِ الإبِلُ
"سيلفا" التي داسَتْ على قَلَمي
و"نُجودُ" لمّا داسَها الرَّجُلُ
و"ندى" التي كفرت برغبتِها
و"سُهى" التي لم تروِها القُبَلُ
مرَّت على جسدي قَوَافِلُهُمْ
عَجلى تُكَسِّرُني وتَرتَحِلُ
وتكاتفوا كالسَّيفِ يَطعَنُني
يقفونَ خَطوي حَيثُما نَزَلوا
أيّامُهُمْ كانتْ، وكنتُ أنا
حُلمَ الدُّموعِ تَصوغُهُ المُقَلُ
ورجعتُ أرثي بعدَ مَقتَلِهِم
ما ضيّعوا منّي، وما بذلوا
- 2 -
يا كأسُ، صارَ الكأسُ ملحمتي
درباً من الأوهامِ يكتملُ
والدّربُ حرباً كانَ طاحنةً
والوقتُ موتٌ ليسَ يُحتَمَلُ
من أين أبكي الآن، أحسبُني
أرجوحةً تمشي... ولا تصلُ
ميدانُ حربي صارَ مقبرةً
والغُرفَةُ الظّلماءُ مُعتَقَلُ
قد غادرَ الشُّعراءُ مَعبَدَهُمْ
وتَرجَّلَ الفُرسانُ أو رَحَلوا
وأنا أنا، ما زلتُ بَعدَهُمُ
صَمتاً يَظَلُّ يَلُفُّهُ الكَسَلُ
من أينَ لي الشَّيطانُ أخلقُهُ
أو أينَ هم أعدائيَ الأُوَلُ؟!
حتّى طواحينُ الهواءِ مشتْ
وزوارِقُ "ابنِ زِيادَ" يَشتَعِلُ
- 3 -
إنّي الشَّرودُ المُنتَهي أبداً
في البدءِ، ذاكَ المُتعَبُ الوَجِلُ
سيظلُّ عُمراً بَعدُ... يَنقُصُهُ
خَصمٌ يُعَلَّقُ فَوقَهُ الفَشَلُ
واليومُ مثلُ غَدٍ، وبعد غدٍ
وكِلاهُما - كالأمس - مُرتَجَلُ
لكنْ يَعيشُهُما، ويَسكُنُهُ
شبحٌ بعيدٌ... إسمهُ الأَمَلُ
*
2007