قصّة ديوان - نائل الحريري

- 1 -
ديوانُ شعرٍ حوى في الحبِّ ألوانا
وأشعلَ الأرضَ أشواقاً وتحنانا
وفجّرَ القلبَ بالأحلامِ معجزةً
فجراً عصياً على التكوينِ فتَّانا
تخاطفتهُ قلوبُ العاشقين هوىً
فأشعلتْهُ مواويلاً وأحزانا
تَساءلُوا : ما لهذا الشعرِ أسكرَنا
و ألهبَ النُّورَ يطغى في حنايانا
و قيلَ: سحرٌ طواهُ الحرفُ ملتهباً
و قيلَ: سمٌّ سرى في الرُّوحِ إدمانا
- 2 -
تباركَ الشعرُ كم أبصرتُ فيه دمي
يُصاغُ معنىً وأحلاماً وأوزانا
وكم بكيتُ على صدرٍ لهُ عَطِرٍ
و كم شكوتُ لهُ الآلامَ أزمانا
عامانِ ذابا على قيثارتي ألماً
وفجّرا الشعرَ ملءَ القلبِ ألحانا
يلملمُ الدمعَ من عينيَّ مُنهمِراً
حيناً، ويُلقيهِ ياقوتاً ومرجانا
إن كان سحراً فيا للسحرِ يرفعُنا
فنبصرُ الكونَ مرهوناً بيُمنانا
ونبصرُ العشقَ بعضاً منْ طبيعتِنا
وكمْ حسبناهُ بعضاً منْ خطايانا
أنا المتيَّمُ عُدْتُ اليومَ أنطِقُهَا
ما كنتُ أعرفُ قبلَ العشقِ عُنوانا
ليلايَ يوماً هنا كانتْ، وكنتُ أنا
كأنَّما لم يكنْ في الأرضِ إلانا
نحنُ الذينَ رفعْنا العشقَ معجزةً
ونحنُ صُغناهُ أصْناماً وأوثانا
يحكونَ عنّا الحكايا، عن حماقَتِنا
عن بوحِنا، والتَّصابي في مُحيَّانا
وعن بُكاها على صدْري وأدمُعِها
وعن مصيِر الحياةِ المرِّ لولانا
عن خوفِنا، عن أغانينا، وضحكتِنا
يحكونَ كمْ مرَّةً قَصّوا حكايانا
عن زهرِ نيسانَ كمْ يشتاقُ طلَّتَنا
عن البلابلِ كم تَشدُو بذكرَانا
قد علَّمتنيَ كيفَ الحبُّ يحمِلُنا
على جناحَيهِ نحوَ اللهِ إيمانا
وعلّمتنيَ أن اللهَ أكرَمَنا
ونعمةً دونَ كلِّ الخلقِ أهدانا
حبيبتي نسيَتْني، والربيعُ خبا
وأطفأَ الدَّهرَ في عينيّ نَيسانا
وعادتِ اليومَ تسقيني مرارتَهُ
وتطعنُ القلبَ تعذيباً ونكرانا
وكمْ طواهُ الهوى قلبي، وأَدمُعُهُ
تنهالُ، والرُّوحُ في كفَّيهِ قُربانا
ولم أزلْ عاشقاً يقتاتُ منْ وَجَعٍ
وبعدُ مازلتُ ملءَ البوحِ ظمآنا
وعدتُ أكتبُ عنْ وجهٍ حلمْتُ بِهِ
ولم أزلْ في صداهُ اليومَ سكرانا
إنَّ الحقيقةَ بعضٌ منْ تخـيُّـلِنا
ما أجملَ (الآنَ) لولا أنّهُ (الآنا)
- 3 -
يروون شِعري تراتيلاً مُنَمَّقَةً
ويسكرونَ بِهِ خمراً وأشجانا
يطوونَ أوراقَهُ في القلبِ لاهبةً
ويلثمونَ نقاطَ الحِبِر تحنانا
ويُعجـزُ الشكـرُ قلبي حيـنَ أسـأَلـهُ
وتنحني الروحُ إجلالاً وعِرفانا
لكن... تغالبني الشكـوى، فأكتمهـا
ويهربُ الدمعُ ملء العينِ طُوفانا
- 4 -
رجعتُ أجمعُ أشلائي وأكتُبُها
والقلبُ قد باتَ أشلاءً ونيرانا
أوّاهُ كمْ أسكَرَتْهُ الآهُ منْ وَجَعٍ
وكم تمنَّى منَ الأيَّامِ سُلوانا
غنّى فأشعَلَ بالأحلامِ كوكبَهُ
وفجّرَ الأرضَ بالعشَّاقِ بُركانا
هو الذي لم تعدْ ليلاهُ تذكُرُهُ
ولم يزلْ هائماً فيها وولهانا
يروونَ شعري تراتيلاً وأسمعُهُمْ
ويملؤونَ صدى الأيَّام ألحانا
يُقـالُ: شِعرٌ طَوى في العشـقِ مَلحَمَـةً
حيناً، و فجّر نبضَ القلبِ أحيانا
فيجمع الحزن من دمعي ومن ألمي
شعراً، ومن وحدتي السوداءِ ألوانا
وأترك القلمَ المجنونَ يعبثُ بي
وفي السطورِ يضجُّ الحزنُ رنّانا
- 5 -
ديوانُ شعرٍ حوى في الحبِّ ألوانا
وأشعلَ الأرضَ أشواقاً وتحنانا
بدمع عيني حفرتُ الحبَّ مطلَعَهُ
ومن دمائي خلقتُ الحرفَ أكوانا
وها هو اليومَ في أحداقِ عاشقةٍ
دمعٌ، و في قلبِ أخرى صارَ قرآنا
وفي يدي عاشقٍ ألقاهُ لؤلؤةً
وفي قلوبِ العذارى الغيدِ سلطانا
أراهُ ملءَ قلوبٍ باتَ يسكُنُها
بالحبِّ يسكنُ أحداقاً وأحضانا
أراهُ ينهلُ من ضمٍّ ومن قُبَلٍ
ويشغلُ النّاسَ أفكاراً ووجدانا
أراهُ يهنأُ فيما عشتُ أطلبهُ
يروى... وأبقى لهذا الحبِّ عطشانا
- 6 -
شكراً لمن ضمَّ شعري... ضمَّهُ وطناً
وذابَ فيهِ تراتيلاً وإيمانا
شكراً لمن فتّشوا قلبي... فكلُّهُمُ
ينسونَ....
أنَّ وراءَ الشعرِ....
إنسانا.....
*
2003