علَّقتُ عُودي على صَفصافةِ اليأسِ - نسيب عريضة

علَّقتُ عُودي على صَفصافةِ اليأسِ
ورُحتُ في وَحدَتي أبكي على الناسِ

كأنَّ في داخلي قَبراً بوَحشَتِهِ
دفنتُ كلَّ بشاشاتي وإيناسي

ما قبرُ حربٍ ولا دربُ المُنخّلِ أو
دَفائنُ الجِنِّ شيئاً عند أرماسي

فيها وأَدتُ بُنَيَّاتٍ وأغلِمَةً
صُبحَ الوُجوهِ عليهم نَضرَةُ الآسِ

حفرتُ بالفأسِ في قلبي الضريحَ لهم
وكنتُ أبكي ويبكي الصخرُ من فاسي

خيرٌ لهم وأدُهم من موتِهم سَغباً
أو أن يُبيحوا مياهَ الوجهِ للحاسي

يا قبرَ آمالِ نفسي في ثَرى كَبِدي
يسقيكَ صضوبُ دَمٍ من قَلبيَ القاسي

زرعتُ فوقَكَ أزهاراً بلا أرَجٍ
سَوداءَ مرَّت عليها نارُ أنفاسي

ما أروعَ الزَهرةَ السوداءَ قد سُقِيَت
بدمعةِ القلبِ تَحميها يَدُ الياسِ

يا يأسُ صُنها فإِني قَد قَنِعتُ بها
ولستُ أبدُلُها بالوَردِ والآسِ

إِني جَعلتُكَ ناطُوراً لرَوضَتِها
إِيَّاكَ أن تَجتَلِيها أعيُنُ الناسِ

وأنتَ والحُزنُ كونا في الضُلُوعِ معي
إِني عَهِدتُكُما من خَيرِ جُلاسي

كتَمتُ أمرَكُما دَهراً فضاقَ بنا
ذَرعاً فُؤادي وأفشى السرَّ أنفاسي

فإِن أَسِر في ظَلام الليلِ مُستَتِراً
فالحُزن يَسطَعُ من عَيني كنِبراسِ

حُزني غناي فلو فرَّقتُهُ هِبَةً
على النُفوسِ لأثرَت أنفُسُ الناسِ