الليل - ياسر الأطرش

في الليل يسقط عن متاريس القلوب الخوفُ‏
تنشقُّ الصدورُ‏
وتنبت الأحلام كالأعشاب فوق وسادة الوقت الفقيرْ..‏
في الليل يعبرنا الأسى‏
وتُعرّشُ الأحزان فوق بيوتنا/ الكلماتُ تنفض عن جناحيها الغبار‏
وتستريح على بياض الصمتِ‏
في النهر الذي بين الحقيقة والكلامْ‏
في الليل ينتحر الظلامْ‏
وتمارس الأشياء خطوتها البريئةَ‏
كلُّ شيءٍ نامَ.. إلا أنه لا شيء نامْ‏
في الليل تغتسل القلوب بماء صحوتها‏
وتنبضُ.. أنْ على الناس السلامْ‏
***‏
في الليل تنزرع الشوارع بالحنينِ‏
الوجد يقتلع الخرائط من سنابلها/ العيون بنفسجٌ‏
والليل شباكٌ يطلُّ على الندى‏
الليل مرحلة المدى.. والليل مذبحة اليمامْ‏
الليل قبعة الغريب، وخطوة الأعمى؛ اتجاهٌ آخرٌ للموتِ‏
أو موتٌ أخيرْ..‏
الليل أجنحة الفقيرْ‏
والليل صوتي عندما لا صوت لي‏
والليل وجهي‏
حين تصلبني البلاد- مقاتلاً- فوق الرخامْ..‏
الليلُ‏
هذا الأسود المزروع في اللاشيء‏
هذا القمقم السحريُّ، والجسد الغريبْ..‏
الليلُ.. هذا المعطف السريُّ‏
هذا الانتقال من البعيد إلى القريبْ..‏
الليلُ.. هذا الشارع الروحيُّ‏
تعبره الصلاةُ‏
وظلُّ عينيها المرابطتين خلف زجاجها المسكونِ‏
-حتى سُكْرِهِ- بالياسمينْ‏
الليلُ.. مذبحة الحنينْ‏
وأنا حبيبي.. صرخةٌ كادتْ تضيءْ‏
لو مسَّها صوتٌ‏
ولكنّ البنادق لا تحبّ الناس.. إلا صامتينْ‏
وأنا حبيبي ليلة الميلاد‏
أعبر في ثقوب الأمنيات.. إلى الألمْ‏
ثلجٌ.. وأوراق العيون على بياض الثلج موتى‏
من ترى يصطاد أحلام الصغار‏
ومن على عينيكِ يرسم وجه غيري‏
من يحرّفُ في الوريد دم الوطنْ؟‏
الليلُ؟!‏
أم أنّ الذين نحبّهم ليلٌ يسافر بيننا كي لا نضيءْ‏
أم نحن نكرهُ جوعنا لليلِ‏
يغمض ضفّتيهِ على مواعيدٍ تعذّبنا.. ويبطئ.. لا يجيءْ‏
الليل متّهمٌ بريءْ..‏
والليل طفلٌ ما لهُ أمٌّ ولا وطنٌ‏
يسافر كي يعود إلى السفرْ..‏
الليل.. قلبٌ من مطرْ‏
نغفو عليه؛ ولا ينامْ‏
الليلُ.. طول الليل‏
يدعو.. أنْ على الناس السلامْ‏