لحن الزناد - ياسر الأطرش

سآوي إلى حصتّي في التراثِ‏
وأدخل فصل السباتْ‏
حكايات أهلي‏
ستكفي لأعبر هذا الممرَّ‏
بوهمٍ‏
يُجمّلُ وجه الحقيقةِ‏
حيث الحقيقة في الشرق أنثى‏
كما القدس.. أنثى‏
كما.. كلُّ أيامنا الباقياتْ‏
***‏
سئمتُ فصول النضال الملونِ‏
حول الموائدِ‏
كأسٌ..‏
وتأتي البلاد إلينا‏
وبيتان من حزن درويشَ‏
تكفي...‏
ليبكي السريرْ‏
لماذا نزوّر حتى البكاءَ‏
ونحسبُ أنّا نغطي السماءَ‏
بكفٍّ صغير!..‏
***‏
سأهربُ‏
ما عادت الحرب تغري‏
بنات السلام‏
تركن السيوف على حدِّ (فاطمُ مهلاً)‏
فمات امرؤ القيسِ‏
بالأغنياتْ‏
(ومن عاش مات، ومن مات فات)‏
سوى أنّ قسَّ ارتدى موته‏
سُلَّماً للحياةْ..‏
كذلك تحت الحجارة عشبٌ‏
وكفُّ الصغير‏
تحرّر عشباً وشعباً.‏
وأمي‏
تفصِّلُ ثوب حدادٍ جديدٍ‏
لموت العراقْ!..‏
بلادٌ تُساقُ إلى الذبحِ‏
جهراً..‏
وجيرانها‏
يشهرون الدعاءَ‏
وزيَّاً يناسب طقس الفراقْ‏
تعودتُ أن أستظلَّ بصمتي‏
وأغلق بابي‏
على كل ما بي‏
فما في إياد سراةٌ‏
لأرفع نصحي‏
ولكن سأرفع دوماً يديَّ‏
كما كل من يعبدون المحبة والانعتاقْ...‏
***‏
عراقٌ عراقْ‏
ذئابٌ‏
وبردٌ يفتش عنّا‏
ونحن نفتش عنهمْ‏
ونعرفُ..‏
ما من رفاقْ...‏
وحيدين نبقى‏
وطارق يصرخ: أين المفرُّ‏
عدوٌ وبحرٌ‏
وسوف يموت الذي في بروجٍ‏
وسوف يموت الذي في زقاقْ!...‏
وبغداد‏
أرملة المستحيل‏
تقاتل عنّا‏
وتشهد أنّا‏
هُزمنا‏
-ولم تبدأ الحرب بعدُ‏
فعنترة المستقيل اضمحلَّ‏
ولمّا دعوناه –من نومنا-‏
ما أفاقْ!...‏
***‏
تدوزنتُ طوعاً‏
فأوتار قلبي تطيع الأصابعَ‏
إنَّ الأصابع‏
-في لحظة الشرِّ-‏
تعزف لحن الزنادْ‏
وصوت الفقير النشازُ‏
يلوّثُ عُري النجومْ...‏
لماذا أحاول‏
أنْ أستقرَّ على غير عرشي؟‏
لماذا الكسيح الذي أقعدوه‏
يحاول يمشي؟!‏
أنا ظلُّ نعشي‏
أنا عروة الرافد المستبدُّ‏
خلعتُ الصعاليك‏
كي ترتديني ثياب الجهادْ‏
أفق يا رقادْ‏
صباح الصغار تلوَّنَ بالأرجوان الشهيِّ‏
عناقيدُ دمعٍ تدلّتْ‏
لتعلن هذا النهارَ‏
وتحرس بالحزن هذا الحصادْ‏
فلسطين أمٌّ.. وتبكي‏
فلسطين تحكي‏
لأطفالها‏
قصة المُبعدينْ‏
فلسطين خبزٌ وماءٌ وتينْ‏
فلسطين‏
حاضرةٌ في نقوش الثيابِ‏
ودفءِ العتابِ‏
فلسطَين ليست كما تعرفونَ:‏
احتلالٌ.. وموتٌ.. ورعبْ‏
فلسطين أمٌّ بمليون قلبْ!..‏
وأعمى المعرة‏
ما كان يتقن دور الأبوة‏
ماكان يحتاج حزناً مديدْ‏
كأنك حين تبرعم طفلاً‏
تباشر قصة قتلٍ جديدْ!‏
جنيتَ‏
على من أحبَّ الولادةَ‏
كان بوسعك ألا ترانا‏
وألا تفسرَّ هذا الوضوحَ‏
لماذا عرفتَ‏
بأنَّا أردناك ألاّ تريدْ؟!‏
تدخلتَ في ألف عامٍ ستأتي‏
وفي شكل بيتي‏
وبيتي الحضاريُّ‏
بردٌ وقيدٌ‏
وأطلالُ عمرٍ شقيٍّ سعيدْ‏
كذا "غونتامو"‏
لأني أحبُّ حكايات أهلي‏
وسهلي‏
ووجهي المعلَّقَ فانوس زيتٍ‏
يضيء الودادْ‏
كذا "غونتامو"‏
حضارةُ سجنٍ‏
وكيفَ..‏
ستُحبسُ‏
في حقد سجنٍ.. صغيرٍ‏
بلادْ؟!!‏