على لحاء الوقت - ياسر الأطرش

وغداً‏
سيعترف الزجاج بأنّ ماءكِ باهتٌ‏
ولهاثَ أجنحتي ندى..‏
وغداً.. سيعترف الصدى‏
وستنقشين على لحاء الوقت ذاكرة الطريقْ..‏
وغداً نفيقْ‏
من حبّنا‏
وغداً.. ننام على كلامْ‏
مسكينةٌ أمي‏
تحاول أن تُرمّمَ نصفيَ المقتول بالحلوى.. فيهدمني الحنانْ‏
دفءٌ، وأمي نصف نائمةٍ معي‏
وأبي يرى في السقف صورتها‏
فيضحكُ.. لا تجيءُ‏
فينتهي في البرد مئذنةً.. ويحترف الأذانْ‏
بيني وبين أبي وبين الدفء نافذةٌ‏
ولكني جبانْ..‏
وغداً سيكسرنا المكانْ‏
وسيستريح الظلُّ في تعبي.. وأنتِ ستكبرينْ‏
ولأنّ هذا الصيف ينكرني.. حزينْ‏
واستسلمتْ للنوم جارتنا، ففاجأني البكاءْ‏
وغداً خواءْ‏
قمصان روما كلّها فحمٌ، ووجهكِ برتقالْ‏
حاولتُ أن أمشي على وجعي‏
فهدّدني سؤالْ..‏
حين استعرتُ جناح صوتكِ‏
مرَّ في شفتي عسلْ‏
وغداً أملْ‏
وغداً نسمّي موت أرجلنا كفاحْ‏
جاؤوا على خيل الصباح.. بلا صباحْ‏
تركوكِ في فجر السَّغَبْ‏
وغداً تعبْ‏
قلبي وكفُّ أبي ذهبْ‏
لكنهم سمّوكِ آلهة الرجوعْ‏
وغداً نجوعْ‏
الخبز أطول من فضاء الحُلْم في كون الفقيرِ‏
وأنتِ أبعدْ‏
سبحان جارتنا‏
إذا شدَّتْ على وجع السرير جنون قامتها‏
تصير مدينتينِ‏
مدينةٌ خبزٌ؛ وأخرى- إذ تجوع الروحُ- معبدْ‏
لكنّ حسنكِ مقبره‏
والقلب عيدْ‏
وغداً ستعترف المعابر أنني طفلٌ؛ وأنكِ مجزره‏
لكنّ جارتنا ستمنح نفسها للماءِ.. شمعه‏
بَوحٌ.. وتكتمل الدوائرُ‏
تصبح الأيام أوراق اعترافْ‏
والقاع متَّسخٌ بآلام الحصى‏
يا أيها الأنهارُ‏
رُدّي عُريَ جارتنا لنا كيلا نخافْ‏
فغداً ستطردنا البلادْ‏
وينام في روما المطرْ‏
وأمام شباك الرمادْ‏
صوتي سيهدلُ كالهزيمه‏
كنشيج مئذنةٍ قديمه‏
عند السحرْ‏
قلبي عليكِ‏
وقلبُ جارتنا قمرْ..‏