لأنكِ.. أنتِ المطر - ياسر الأطرش

*إلى عبير.. الأرض‏
وعاد الذين استراحوا قليلاً‏
وكنتُ أخيط لشعرك شالاً‏
من الزيزفونِ‏
ثلاثين عاماً‏
صعدتُ إليكِ‏
وما زال شعرك درباً طويلاً..‏
وكنتُ أعدُّ ليوم البكاء‏
جذور الدموعِ‏
وكنتُ أعلِّمُ صمت الشوارعِ‏
توت الكلامِ‏
وكيف ـ إذا جئتِ ـ يغدو هديلاً..‏
وكنا ـ على البُعدِ ـ نمشي إلينا‏
وحين التقينا‏
نسينا..‏
لماذا أردنا الوصولا!..‏
يعود الذين استراحوا‏
ووجهي‏
كوجهكِ‏
ينضحُ زيتاً‏
وقلبي كقلب غريبٍ‏
يضيء بعمق الظلام البعيد فتيلاً‏
ويذوي قتيلاً..‏
***‏
لأنك أحلى‏
رفعتُ السكوت على باب بيتي‏
سماءً‏
ونمتُ بحضن الشوارعِ‏
طفلاً جميلاً..‏
لأنك أعلى‏
مشيتُ إليكِ‏
ينابيع وجدٍ‏
تَصَاعد من كبرياءٍ‏
تيتَّمَ‏
بعد القفول من الذكرياتِ‏
وبعد انطفاءِ احتمال الرسولِ‏
وأنّى لمكةَ‏
تنجب بعد رحيل النخيل الأخير‏
رسولاً!..‏
جماهير حزنٍ‏
تجوب مرافئ عينيَّ‏
بحثاً‏
عن الباقياتِ‏
وعن هانبالٍ قديمٍ.. جديدٍ‏
يقود افتراض الخيولِ‏
ونعرفُ‏
أنَّا على باب قرنٍ‏
تورَّطَ في رقصات الفراشِ‏
طردنا الخيولا!..‏
لماذا نريد حقولاً‏
ونحن بساعة يأسٍ‏
قتلنا الحقولا!..‏
لماذا نريد صباحاً‏
ونحن.. على كاهل الضوءِ‏
نلقي فراغاً ثقيلاً!..‏
لماذا نفتش عن أيّ شيءٍ؟‏
ولا شيءَ يمكنُ‏
لا شيء يأتي‏
وفي القدسِ‏
في العرسِ‏
في كل بيتٍ‏
يعيش العويلُ‏
ولا شيء كي تستمرَّ الحياةُ‏
سوى‏
أن تعيش.. نظيفاً.. عميلاً!..‏
هو الطينُ‏
لكنَّ شيئاً تغيَّرَ‏
في المحتوى‏
هو الحبُّ‏
لكنَّ خيطاً تقطَّعَ‏
في كربلاءْ‏
وطال النوى..‏
لعينيكِ هذا الطلوع البهيُّ‏
وهذا الفناءْ‏
وهذا الهوى..‏
لعينيكِ‏
أمشي طويلاً طويلاً‏
إلى ما نشاءْ‏
وشاء الغِوا..‏
لعينيكِ‏
لكنَّ شيئاً سيشرب هذا التألقَ‏
حتّى البكاءْ‏
وحتى نضيع كنهرٍ قديمْ‏
سلاماً‏
لأنَّ السديمَ‏
سيأكل وجه القمرْ‏
سلاماً‏
لأنَّ السماء ستمطرُ‏
لكنْ رصاصاً‏
سلاماً..‏
لأنكِ‏
أنتِ‏
المطرْ..‏