وكنت أبي - ياسر الأطرش

إلى روح عبد العزيز الحمصي‏
أبي الآخر‏
وترحلُ‏
حافلاً بالعمرِ‏
مفتوناً بما لم كان‏
عيناك انبعاث الصيفِ‏
في خوخ الندى المسفوحِ‏
قرب مناجل الأيامِ‏
ما عاد الحصاد المرُّ‏
يغري بالعصافيرِ..‏
***‏
وترحلُ‏
مفعماً بالبحرِ‏
راية دربك الأشجارُ‏
أجيالٌ من الأعشابِ‏
نامتْ في سرير الظلِّ‏
تحت مصيركَ العالي‏
ويا موتاً‏
يسير إلى بدايتهِ‏
بطول الرمح..‏
مخضلَّ الأسارير..‏
***‏
وترحلُ‏
لم يكن عبثاً نزيف النهرِ‏
حين جرحتَ صمت الأرضِ‏
بالفوضى‏
وحين كسرتَ فوضى الصوت‏
بالصمتِ‏
وحين منحتَ قبح العمرِ‏
وجهاً‏
رائع الموتِ‏
وحين نزحتَ من عينيكَ‏
كي آوي…‏
إلى بيتي!..‏
***‏
وترحلُ‏
يا الذي ما جئتَ‏
سحقاً للذين أتوا من النسيانِ‏
أولاداً‏
بلا شَغَبِ..‏
لهم ما كان من عنبٍ‏
وأعرفُ‏
أنَّ سرَّ الخمرِ‏
أنكَ كنتَ في العنبِ!..‏
***‏
وترحلُ‏
لا سماء هنا‏
ولا حدٌّ‏
سيكفي كي ينام الإسمُ‏
إسمكَ‏
لم يكن مطراً‏
ولكنْ.. قُدَّ من تَعَبِ..‏
أنا أبكي‏
وأنت على سرير الخوفِ‏
تغري الدمع بالطربِ!..‏
رأيتُ الله في عينيك‏
حين سكبتَ للأحفادِ‏
روحكَ‏
داخل اللُّعَبِ!..‏
***‏
وترحلُ‏
مستمرَّ اللون‏
نذهب كلما جعنا‏
إلى كهف الهوى المسحور‏
نوقد غصة الذكرى‏
ونذهب مرةً أخرى...‏
ولا شيءٌ....‏
سوى أني‏
عرفتُ الآنَ‏
أنكَ..‏
أنتَ..‏
كنتَ..‏
أبي!!!‏
اليونسية‏