مستودع الموتى - ياسر الأطرش

لا تقلقوا‏
كلُّ الذين جمعتهم حولي‏
على حُبِّ الرصيف‏
تفرقوا..‏
لا تقلقوا‏
مادام للجدران آذانٌ‏
وللكفين قيدُ‏
مادام ينبت في قلوب الناس حقدُ‏
مادام للمسجون آهاتٌ‏
وللسجان زندُ‏
الطين يكفي‏
كي يزيل الناس آثار النهار عن البيوتْ‏
الطين يكفي‏
كي نموتْ..‏
والشارع المهزوم ـ يا الله ـ يطردني‏
لأني كنتُ برداناً‏
وأقسمُ‏
أنَّ هذا العمر بردُ..‏
***‏
مرّي على الجسد الفقير‏
بكعب نهدكِ‏
كي أرى أمي تصلي‏
في المنامْ..‏
مرّي على شباك قُبّتنا‏
وبوسي وجهيَ الغافي‏
على برج الحمامْ..‏
مرّي على صوتي المؤجل‏
في مساءات المآذنْ‏
قولي له:‏
لا شيءَ عن لا شيءَ‏
لكنْ‏
لست أدري‏
عندما نبكي‏
لماذا يخرج الجيش النظاميُّ إلى قبر الشهيدِ‏
ويدخل الجيش القطاميُّ الوريدَ‏
ولست أدري‏
عندما نبكي‏
لماذا كلُّ صوتٍ‏
وَقْعُ أحذيةٍ‏
وكلُّ مساحة الأحزان.... جندُ؟!..‏
هل نحن فاجأنا السماءَ‏
أم التراب يخونُ‏
أم كان الذي ما منه بدُّ؟‏
سمّيته ورداً‏
فمات على يد السيّاف وردُ‏
هل أنت يا وطني أبي‏
أم أنني شيءٌ على شيءٍ يُردُّ؟‏
وأنا على صبّار جرحك‏
حين أسجدُ‏
أنتمي‏
ويطير من قلبي إلى عينيك... وعدُ‏
وأنا خلاياك الأصيلة والبديلةُ‏
فاعبر الشفق المرير‏
إلى صلاتكْ..‏
واترك لنا سفراً‏
يشفُّ عن احتمالْ‏
واترك لنا أفقاً‏
لنعدو..‏
***‏
الناس فوق الناس‏
أكوامٌ من اللحم المشقّق والعذابْ‏
الناس من تعبٍ‏
ووجهك من غيابْ‏
وتراثنا‏
عرشٌ على مستودع الموتى‏
وفوق العرش فردُ..‏
شقِّي الثياب إذاً‏
لأشهد‏
أنَّ هذا النهد صوفيٌّ‏
وأنّ خلافنا الدينيَّ والقوميَّ‏
محوره الفحولةُ‏
حين يحكم كلَّ هذي الأرض‏
مفعولٌ بهِ..‏
وبنا..‏
ونهدُ!!‏