أرصفــة - ياسر الأطرش

عيناكِ بستانا بكاءْ..‏
وأنا غبارٌ بين أغنيتين يسفحني الحنينْ..‏
حتى التفاصيل التي ملأتْ شقوق الذاكره‏
هربتْ مع المطر المسافر في الدخانْ‏
عيناكِ في خوف الأزقّةِ.. وردتانْ‏
وأنا الرصيف المُقتفي عشب الخطا‏
بيني وبينكِ ردّةٌ أو برزخانْ‏
وأنا الرصيفيُّ المهاجر في عيون التائهينْ‏
ذكرى وطنْ‏
فبأيّ آلاء الرصيف تكذّبانْ‏
* * *‏
عربات روما كيفما شاءت تجرُّ الأحصنه!..‏
والأنبياء يفتّشون عن الرمادِ‏
ونحن نوغل في الرماد..‏
أسماؤنا معنا.. وأرجلنا‏
ولا جدوى‏
يرتّبنا الرصيف على الشتات.. بلا لغه‏
شاختْ حقائبنا؛ ودار بها المكانْ‏
طفلٌ يفتش في البراميل الصديقة عن بلادْ‏
والماء يهرب في تجاعيد الصبايا‏
والصبايا يحترفن القبح والجنس المعلّبْ‏
برد الرصيف وثلج صدركِ.. توأمانْ‏
فبأيّ آلاء الرصيف تكذبانْ..‏
* * *‏
وإلى متى- يا قبّة الأسماء- تنتظرين سكان الصدى؟‏
الصاعدين إليكِ في أحلامهم‏
الهاطلين عليكِ من ثقبٍ عقيمٍ في المساءْ..‏
جدران وجهكِ تستريح على الطحالبِ‏
والخيول تجرُّ خيبتها؛ وتبحر في السُّدى..‏
خوفٌ على سور انتظاركِ‏
كلُّ ما في الأمر أنّ الوعد لن يأتي‏
وأنك سوف تنتظرين شمساً لا تجيءْ!..‏
خرج الزمان على التكرر في الزمانْ‏
وأنا أحبكِ.. في المكان.. غريبةً‏
وحميمةً.. في اللامكانْ‏
بيني وبينكِ إسمكِ المزروع في طين الولادة.. زوبعه‏
بغداد‏
يا أعلى من الأشجار في برج الصقيعْ‏
بغداد.. يا جوعي؛ ويا جوع الأزقة للأمانْ..‏
عيناكِ أرصفةٌ تنبّئ بالكثير من الحنانْ‏
فبأيّ آلاء الرصيف تكذبانْ..‏
عيناكِ في شجر الردى تفاحتانْ‏
تتراقصان بماء دجلة كلما غنى القمرْ‏
وأنا أحبك-‏
كلما السيّاب خبّأ في قميصكِ حفنتين من المطرْ..‏
وأنا رصيفكِ‏
فاعبريني نحوهم‏
يا من على كفّيكِ تنهض سورة الرحمنْ..‏