فرِق الفراقُ لطولِ ما نَتَلاقى - أبزون العماني

فرِق الفراقُ لطولِ ما نَتَلاقى
من أن أصُبَّ على الفراق فراقا

فعلام تحسبُني الوشاة مُنَزَّها
في الشوق عما يتلفُ المشتاقا

أوَ ما يرونَ الجفَنَ خاطب لوعةٍ
بكرٍ وقد بذل الدموع صداقا

يا عين إن لم يكفهم أن تسكبي
دمعاً فذوبي واسكبي الآماقا

تَرَك اصفراري والنحولُ كلاهما
في العشق جسمي يُنذِرُ العَشَّاقا

فكأنَّهُ أَلِفٌ بِخَطٍ مُذهَبٍ
جَعَلَ الدُّجى أرقي له ورّاقا

لام الحسودُ وقالَ دَع عنكَ الهوى
ليزيدني بملامِه أشواقا

وعزيزةٍ قالت مقال مُجَرّبٍ
ساوى الحكيمَ بفَهمِه أو فاقا

كم مُضمرٍ كيداً إِذا جالَستَهُ
أبدى الخُنُوَّ وأظهر الإشفاقا

والنار نورٌ ملء عينيك ساطعٌ
لو لم تجد في طبعها الاحراقا

ومن الضَّلالةِ أن تُعاشِرَ مَعشراً
ساقوا الى سُوقِ النِّفاقِ نفاقا

تَسعَى ولو اعطيتَ سَعيَكَ حقَّهُ
لبلَغتَ ما أمَّلتَهُ استحقاقا

فمؤيَّدُ السلطان زُر ودع الورى
وعمانَ يَمِّم واهجُرِ الآفاقا

فيه يروقك وجهُ جاهِك منظراً
وبها تطيبُ لك الحياةُ مَذاقا

عاود بلادك واقصد الملك الذي
يكسو دُجى آمالك الاشراقا

مَلِكٌ اذا لسعَتك يوماً نكبةٌ
صادفتَ من إنعامِه دِرياقا

يستعذبُ الاطلاق حتى انَّه
ليرى غذاَء سماحِهِ الاطلاقا

لو سرتَ فُزتَ من اليسار بطائلٍ
تسرو به عن قومك الاملاقا

هذا وقلتُ لعاذلٍ لك عندما
تهبُ الهباتِ فتكثر الانفاقا

يا مَن يلوم على السَّماح رفيقه
رفقا فلم أَرَ كالغنى إرفاقا

فلئن رآك اطوعَ خادمٍ
إن حَلَّ راق وإن ترحَّلَ شاقا

لو حُمِّلَ الأمرَ الجسيمَ وفَا بهِ
أو حُمِّلَ العبَء الثقيلَ أطاقا

في السِّلم يخدم باللسان وفي الوغى
بالسيف ليس بهائبٍ ما لاقى

فعلمتُ انّي إن اخذتُ برأيها
لم أعدُ في ترك الخلاف وفاقا

ووجدتُ من قبل الرَّحيل جوارحي
يُرهِقنَ عزمي في السُّرى ارهاقا

حُبّاً لطلعة ذلك القمر الذي
لا يكتسي غبَّ التماممُحاقا

ومصالح الاقليم في قلمٍ لهُ
يتكفَّلُ الآجال والارزاقا

يقظان يرعى المكرماتِ كأنَّه
وجد الرقادَ أمَرَّ شيءٍ ذاقا

ويُطالع العلياَء حتى أنَّه
عند الرَويَّة يكرهُ الاطراقا

وتخالُ تحت الليل ضوَء جبينهِ
صُبحاً يَمُدُّ على الظلام رواقا

ويكاد من فرط التناهي في العُلى
يَرقَى مع الهِمَمش التي تتراقى

وسيوفُهن في كُلِّ يوم كريهةٍ
تَسقى العدى كاسَ الحمام دهاقا

ما في خلائقها هنالك رقَّةٌ
لكن مضاربها خُلِقنَ رقاقا

ولو استطاع الناسُ يومَ ركوبهِ
فرشوا لِوَاط جيادِه الاحداقا

ولقد نذرت لئن رأيت وقد حدا
بركائبي حادٍ اليه فَساقا

لا زوِّجَن بنت السرور بخاطري
ولاعطيَن بنت الهموم طلاقا

ولا غِفرَن للدهر سالف ذنبهِ
ولا وسِعَن من عُذره ما ضاقا

ولا منحَن ما عشتُ هجري غُصَّةً
جعلوا بغَدرهم الزلال زُعاقا

وكأنّما أخَذَ الإِلهُ عليهم
ميثاقَه أن ينقضُوا الميثاقا

ما أن دَهاني قَطُّ مكرٌ سَيّىءٌ
إِلاّ رأيتُ باهِله قد حاقا

يا أيُّها الملك الذي عزماتُه
تركَت زئير الخالعين نُهاقا

طَرَّزتَ خُلقك بالعفاف وحبَّذا
من بالعفاف يُطرِّزُ الاخلاقا

وجعلتَ عفوكَ حَليَ سطوتك التي
من دأبها أن تضربَ الاعناقا

فلذاك لم يسمع بذكرك خالعٌ
إِلاّ صحا من ذكره فأفاقا

لا زلتَ مثل أبيك أوحد دهرِهِ
سبقاً الى أمد العُلى سَبّاقا