حكاية قديمة - سيف الرحبي

بين النوم واليقظة
بين الصحو والمطر
كان يمضي حمارُ جارنا القديم
الذي أتذكرهُ الآن تحت شجرة التين
عائداً من أسفاره السعيدة
بين البندر والقرية
كان يمضي القيلولة تحت الشجرة المثقلة
بالظهيرة والعصافير
ناعساً وعلى رأسه تاجٌ من الذباب
لا يتذكر شيئاً
لكنه يسرحُ أحياناً فيرفسُ الجذع
برجلين معروقتين بالألم
وفي المساء يمضي لجلب الزرع من الحقول
المبعثرة كدموعٍ خضراء سكبتها الآلهة.
في الرواح والمجيء يرسل نهيقه العالي كصراخ أضاعته
السلالة بين الأحراش، فتشرئبُ أعناق الحمير.
مرحاً
مختالاً كطائر كركي بين إناثه
وفي الليل حين يأوي الى شجرته التي
تلمعُ فيها عيونُ الديكة حالمةً بمقدم
الثعالب، يكونُ قد غادر موقعهُ إلى
ديارٍ بعيدةٍ يخوض فيها سهوباً وأودية
بحمله الثقيل وربما حَلَمَ بأنثى لم يطأها
حمارٌ قبله....
بالأمس رأيتُ حماراً هرما تحت شجرة
عتيقة.