حين يصيرُ اللوزُ يباساً - محمد ياسين

1
مُتَّئداً يخطرُ في الطُّرقاتِ
يُراقبنا عن كثبٍ
يتأمَّلُ خفقَ الأحلامِ
ويقرأُ في دمنا ما نكتبُ عن غدِنا
مُتَّشحاً بالليلِ ... من الغيبِ رسولاً
يحملُ في كفّيهِ نحيباً
ينشرُهُ بجنونٍ في الطُّرقاتْ
2
كان الحاضرَ من أمَدٍ
كان الحاضرَ في لغةِ الماءْ
كان المُتفرِّدَ في سطوتهِ ...
والسيّدَ باسم الماءْ
وله في عصفِ الرّيحِ مدائنُ
قوَّضها ذات مساءْ
الأرضُ بكفّيهِ
يهزُّ مواقعَ فيها كيف يشاءْ
صخَبٌ ... يتلوهُ الصَّمتُ ...
ورائحةُ الخوفِ المُتعفِّنِ تحتَ الرَّدمِ بقاياهُ
3
الموجُ الهادرُ صهوتهُ
غنّى من خللِ الموجِ الأسودِ
مُحتفياً بالنّصرِ على كِبَرٍ
أُغنيةَ ( تسونامي )
تسونامي كانت تحلمُ
ما كانت تعلمُ أنَّ نهايتَها
سرٌّ أودعهُ في الموجِ سيجتاحُ بدايتَها
4
هو ذاك المتربِّصُ
طوّافاً في الأرضِ
يُرتِّبُ في الغرفِ السّودِ ضحاياهُ
5
ساديُّ السّطوةِ
يوصِدُ بابَ الرّأفةِ
يفتحُ أبوابَ الدَّمعِ
ويُنشىءُ دولتهُ فوقَ رمالِ الحزنِ
رماديُّ اللونِ
تميمتهُ قنديلٌ مُطفأُ
والأسبابُ توابعهُ
تدرُجُ إثرَ خُطاهُ جنوداً
يأمُرُها وقتَ يشاءُ لإعلاءِ مسلَّتِهِ
6
ياهذا القادمُ من فوضى الويلاتِ ... تريَّثْ
لكأنّي بكَ ترقُبُني
أنا لا أخشاكَ ... تريّث
أنظِرني لغدٍ ...
فغداً ... سأُعيدُ قراءةَ ما أكتبُ من شعرِ الليلةِ
علّي أُمسكُ بعض هِناتٍ في شعري
وأُغيِّرُ بعض الكلماتْ
وغداً ... أنظِرني لغدٍ
فالموعد بعد غدٍ لأُصافحَ ظِلّي
بعد غدٍ ... في ( مقهى الفانوسِ )
ستشتعلُ الرَّغَباتْ
والطِّفلةُ !!!
ما يصبحُ حالُ الطّفلةِ ذات الخمسةِ أعوامٍ ؟
رقّتها لا تحتملُ الفقدَ
فأمهلني حتى تكبرَ ( بلقيسُ )
لتُدركَ من أنتَ
وتعلمَ أنَّ الصَّبرَ وِجاءٌ في النّكَباتْ
7
انا لا أخشاكَ ولكنّي ...
أخشى أن أخذلَ قافيتي
وتشكَّ بحبي فاتنتي
والدَّمع بعيني طفلتِيَ الصُّغرى
أخشاهُ
إذا ما سرتُ بدربكَ للظُّلُماتْ
8
يا القادمُ من قلب الطوفانِ ... تريّثْ
ما برحَ الحسّونُ يغني
والوردُ يُرتِّلُ آياتِ العشقِ شذىً ... ويصلّي
ما آنَ قِطافُكَ بعدُ
فما نضجَ التفاحُ على شجرٍ
9
بعدَ قليلٍ ...
ستعودُ الغِربانُ لموطِنها
والصَّمتُ يُخبِّىءُ في الرَّملِ خسارتَهُ
بعدَ قليلٍ ...
يُؤلِمُكَ الفجرُ
وأعلمُ أنَّ الفجرَ بعينيكَ غُبارٌ
أعلمُ أنَّ اللونَ الأخضرَ مِلءَ المرجِ حِصارٌ
يمتدُّ إليكَ
فتفجَأَهُ بخريفٍ في الظَّهرِ
لأنَّكَ عنوانُ خطيئتنا الاولى
جبّارٌ في الأرضِ
بشرعكَ يغدو الحبُّ هباءً
والحُلمُ بلا معنى
10
ما آنَ قطافُكَ بعدُ
فهيِّىءْ برزخَكَ السرِّيَّ وجمِّلهُ
ليومٍ ...
حين يصيرُ اللوزُ يباساً
والقصبُ الأخضرُ نايْ
فلديَّ مآربُ ما فتِئَت ترتدُّ
وترنو لسوايْ
وهناكَ بقيَّةُ موّالٍ
وحروفٌ من غير نقاطٍ
هو فجرٌ ...
أنبأَني الشّعرُ بهِ من ليلٍ
أرقبُهُ برُؤايْ
لا تعجلْ
بهدوءٍ ...
بعدَ تمامِ الفجرِ تعالَ
ومن غيرِ كلامٍ
سأسيرُ معك
لكنّي رغماً عنكَ
سأَحفرُ في جسدِ الأرضِ خُطايْ